طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

هل يقع طلاق الزوج زوجته في طهر مسها فيه؟

الطلاق في الغضب الشديد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4547)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

طلقتُ زوجتي الطلقةَ الأولى وأنا في حالة غضبٍ شديدٍ، حيث قامت زوجتي باستفزازي بطلبِ الطلاق، فلم أتمالك نفسي وطلّقتها، مع العلم أن الطلاق كان في طُهرٍ جامعتُها فيه، فاستفتيت أهل العلم، وقالوا لي لا تُحسَب هذه الطلقة، ثم حدث خلافٌ كبيرٌ بيننا مرةً أخرى، فقمتُ بتطليقها ثانيةً وأرجعتها، ثم زادت الخلافاتُ، فطلقتها عن طريق المحكمة بالتراضي، وأنا الآن أريدُ إرجاعها بمهر وعقد جديدين، فهل يجوز لي ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالطلاقُ عند الغضب يقعُ ويلزمُ، إن كان المطلِّق وقت غضبه يعي ما يقول، فالطلاق حينئذٍ واقع عليه، ولو كان الغضبُ شديدًا؛ لحديث خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَة امْرَأَةَ أَوْسٍ بنِ الصَامِتِ رضي الله عنهم: “أَنّهَا رَاجَعَت زَوجَهَا، فَغَضِبَ، فَظَاهَرَ مِنهَا، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ وَضَجِرَ، وَأَنّهَا جَاءَتْ إِلَى النَبِي صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَتْ تَشْكُو إِلَيهِ مِا تَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الظِهَارِ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالكَفّارِةِ” [ابن ماجه:2063]، فألزمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بالتكفير عن الظهار، الذي أوقعه في حال الضجر والغضب، ولم تسقط عنه الكفارة، والطلاق كالظهار.

وطلاق الرجل زوجتَه في طهر مسَّها فيه، وإن كان من الطلاق البدعي المكروه، إلا أنه يصح ويقع عند جمهور أهل العلم، في المذاهب الأربعة المشهورة وغيرها، قال ابن جزي وهو يبين أحكام الطلاق البدعي وأنواعه: “كَمَا لاَ يُجْبَرُ اتِّفَاقًا فِيمَا إِذَا طَلَّقَ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ، أَوْ بَعْدَ الْحَيْضِ قَبْلَ الاغْتِسَالِ مِنْهُ، وَيُحْسَبُ الطَّلَاقُ الأَوَّلُ عِنْدَ الجُمْهُورِ، فَإِنَّهُ نَافِذٌ” [القوانين الفقهية: 1/150].

وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر؛ فالطلاق الأول واقع في الحالة التي ذكرتها من الغضب، والطهر الذي جامعتها فيه، وبانضمامه لما بعده من الطلقات تعتبر زوجتُك قد بانتْ منك بينونة كبرى، ولا تحِلُّ لك إلا بعد زوج؛ لقول الله تعالى:﴿ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُو مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ﴾[البقرة: 230]، والله أعلم.

وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

10//ذو القعدة//1442هـ

20//06//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق