بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4813)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
حصلت مشكلة بيني وبين زوجتي سنة 2021م، فقلت لها: أنت طالق، وكانت الطلقة أمام القاضي، وبعدها بأسبوع راجعتها عن طريق المأذون الشرعي، وبعد ثلاثة أشهر حصلت مشكلة أخرى، فاتصلت بها وقلت لها: أنت طالق، وسجلت الطلقة في المحكمة، وبعد سبعة أشهر راجعت زوجتي بعقد جديد، وقبل أسبوع حصلت مشكلة أخرى بيننا، وكنت في حالة غضب، فاتصلت بها وطلقتها، مع إدراكي لذلك، فما حكم الشرع في هذا الطلاق؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن العقل هو مناطُ التكليف والمؤاخذة بالأقوال والأفعال، فإذا كان المطلِّقُ يعي ما يقول، ويقصد ما تكلم به، فالطلاق واقعٌ، وأما إن كان المطلق شديد الغضبِ وقتَ الطلاقِ، إلى درجةٍ لا يعي فيها ما يقولُ، ولا يشعرُ بما صدرَ منه؛ فالطلاق لا يقع؛ لأنه صار في حكم المجنونِ فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ) [الترمذي: 142]، وقال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ، خِلَافاً لِبَعْضِهِمْ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لاَ يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [بلغة السالك: 2/351].
عليه؛ فمادام السائل مدركًا أنه أوقع الطلاق الثالث، فالطلاقُ قد لزمه، وبانت به زوجته بينونةً كبرى، ولا يحل له إرجاعها حتى تنكحَ زوجًا غيره، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
17//شعبان//1443هـ
20//03//2022م