بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4658)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
جاء في وثيقة تحبيس: “ثم إن س م، لما علم ما في التحبيس من الثواب المسبب لتحصيل رضا الرحمن، أشهد أنه حبس وأوقف ابتغاء للأجر… -على أبنائه الجائزي الأمر وهم: ح، وج، وخ، وما يزداد له من الذكور بقية عمره إن قدر الله بذلك- جميع ما على ملكه… من العقار الكائن مكانه ببلد جنزور أو ببلد الطويبية والبادية… حبس ذلك كذلك بالحدود والحقوق وكافة المنافع… على من ذكر، ثم على أبنائهم، ثم على أبناء أبنائهم وهكذا، الذكور دون الإناث إلى آخر العقب، ومن مات من الأبناء رجع نصيبه لأبنائه الذكور واحدا كانوا أو أكثر، ومن مات منهم من غير ولد رجع نصيبه لمن معه في الحبس شقيقا كان أم لا، أخا أو ابن عم وهكذا، في كل طبقة إلى آخر العقب بحيث لا يشارك الابن أباه، ولا تحجب كل طبقة إلا فرعها وهكذا صعودا أو هبوطا، ومن مات أبوه قبل الاستحقاق فابنه يتنزل منزلته في الاستحقاق بموت الأصل وهكذا إلى آخر العقب، فإذا انقرض الذكور من عند آخرهم رجع ذلك لبنات المحبس المذكور وبنات بنيه وهكذا إلى آخر العقب، فإذا انقرضن من عند آخرهن أيضا رجع ذلك لأقرب عصبة المحبس يوم المرجع، فإذا انقرضت العصبة من عند آخرهم رجع ذلك حبسا على روضة الشيخ سيدي امبارك المعروفة بجامع الحاج عمر المنصوري يصرف ريعه في مصارفها: أي كسائر أوقافها، وجعل لبناته وبنات بنيه إلى آخر العقب أن من تأيمت منهن أو لحقتها فاقة لصغر أو عجز ولم يكن عندها من تجب عليه مؤنتها، تتناول من الحبس المذكور قدر نصيبها منه، فإذا استغنت بوجه ما سقط حقها فيه، وجعل للمحبس عليهم المذكورين القسمة غلالا ورقابا والبيع لبعضهم بعضا عند ثبوت الحاجة بموجبها، حبس ذلك حبسا مؤبدا ووقفا مسرمدا على من ذكر كيف ذكر لا يباع ولا يوهب ولا يورث حتى يرث الله الأرض ومن عليها والله خير الوارثين … وأذن المحبس المذكور لأبنائه الجائزي الأمر المسطورين في قبول ذلك منه وحوزه عنه، وقبلوا ذلك منه فورا بلا تواني، وحازوه عنه بالتطوف والوقوف على الحدود وقطع التراب من الأرض وكسر الأغصان من الأشجار والكرانيف من النخيل، كل ذلك بالعيان، واستثنى المحبس المذكور ثلث غلة ما ذكر يتمعش منها مدة حياته، فإذا مات لحق ذلك بالحبس المذكور وجرى مجراه …”، فما حكم الحبس المذكور؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ الحبس المذكور يعدُّ من الوقف على الذكور دون الإناث، وهذا النوع من الوقف باطلٌ من تاريخ صدور قانون 1973م، الذي نص على بطلان الوقف إذا كان على الذكور دون الإناث، بناء على فتوى الشيخ الطاهر الزاوي رحمه الله، وجاء في قرار مجلس البحوث والدراسات الشرعية رقم (2) لسنة 1435هـ ـ 2014م: “بطلان ما كان منه قبل صدور قانون الإلغاء ولم يحكم حاكم بصحته، وتتم قسمة ما حكم ببطلانه على الجذر الموجود من الذكور والإناث، عند صدور قانون إلغاء التحبيس المذكور، عام 1973م، ومن مات منهم فلورثته ذكورًا وإناثًا”.
عليه؛ فيقسم الحبس المذكور -المُفْتَى ببطلانه- على الذكور والإناث، الموجودين وقت تاريخ صدور القانون سنة 1973م، بحسب الفريضةِ الشرعيةِ، ويعد المحبِّسُ كأنّه مات في ذلك الوقت، فمن وجد من الورثة في هذا التاريخ يقسم عليهم ذكورًا وإناثًا، ومن استحقّ شيئا فله التصرف في نصيبه بالبيع والهبة، ومن مات أصله قبل سنة 1973م وكان هذا الأصلُ أنثى، فإنه لا يرثُ، ولا يدخل في القسمة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي امحمد الجمل
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25//صفر//1443هـ
03//10//2021م