بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3430)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أنا (ع) طليقة (م) منذ سنة 2000م، ولديّ منه ولدان؛ أحدهما عمره أشهر، والثاني ثلاث سنوات ونصف في ذلك الوقت، والابن الأكبر يبقى معي فترات ومع أبيه فترات أخرى، والأصغر بقي عندي طيلة الفترة قبل وفاة والده، وقد حكم القاضي لي بالنفقة لابني الأصغر، وقد قام أبوه بدفع النفقة لمدة معينة، ولم يقم بتوفير السكن، وبقينا بين بيت أهلي وأقاربي، والآن وبعد وفاته جاءني أخوه، وطلب منّي أن أقدّر لهم القيمة الخاصة بتوفير السكن، وأنا لا أعرف كيفية الحساب، فهل آخذ الآن حقي، وما دفعته طيلة المدة الماضية؟ وهل لي حق في أخذ تعويض عن عدم توفير السكن؟ وماذا عن حقي في مؤخر الصداق وتعويض 500 دينار حكمت لي به المحكمة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنه تجب النفقة على الزوج المطلق طلاقا بائنًا، إذا كانت المطلقةُ حاملًا، حتى تضع حملها، قال خليل رحمه الله: “أَوْ بَانَتْ وَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ” [المختصر:137]، قال الدردير شارحًا: “فتحصَّل أنّ للبائن الحامل إذا كانت مرضعة نفقة الحمل ونفقة الرضاع، مع المسكن والكسوة” [الشرح الكبير:516/2]، كما يجب على الأب النفقة على أولاده الذكور، إلى أن يصلوا سن البلوغ، ويكونوا قادرين على كسب قُوتِهم، قال خليل: “وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ الذَّكَرِ حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلًا قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ، وَالْأُنْثَى حَتَّى يَدْخُلَ زَوْجُهَا” [المختصر:138]، وتكون النفقة والسكنى بحسب العرف، على قدر وسع الزوج أو الأب واستطاعته، فإن تحمّلتِ نفقة أولادك وسكناهم طيلة المدّة الماضية، ولك من القاضي حكم بأن ينفق الأب على أبنائه، فيعتبر ذلك دَينًا على الزوج، قال خليل رحمه الله: “وَتَسْقُطُ عَنْ الْمُوسِرِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ إلَّا لِقَضِيَّةٍ أَوْ يُنْفِقُ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ” [المختصر:138]، قال الحطاب رحمه الله شارحًا: “وَأَمَّا نَفَقَةُ الْقَرِيبِ فَتَسْقُطُ إلَّا لِقَضِيَّةٍ، أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْقَاضِي قَدْ فَرَضَهَا، فَلَا تَسْقُطُ، وَيَرْجِعُ بِهَا الْمُنْفِقُ، وَلَوْ مَضَى زَمَنُهَا، أَوْ يُنْفِقُ عَلَى الْقَرِيبِ شَخْصٌ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ” [مواهب الجليل:212/4]، فما دام لك حكمٌ من القاضي، فلكِ أن تطالبي بحقك مِن التركة قبل قسمتها، أمّا عن كيفية الحساب؛ فيمكنك الاستعانة بما تحكم به المحاكم عادة في مقدار النفقة، ومقابل السكنى التي ترتبت دينا على الزوج، والكاتب في المحكمة بالمنطقة التي بها سكنك يمكن أن يوفيك بالقيمة، التي يحكم به القضاة في هذا الشأن عادة، ومن حقك التعويض الذي حكم لك به القاضي، وكذلك مؤخر الصداق، كلُّ ذلك قبل قسمة التركة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
23/ربيع الأول/1439هـ
11/ديسمبر/2017م