بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4243)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أوصى شخص بأن يكون مسكنه الخاص به، والصالة التابعة له (والجراج، والفسكية) صدقة جارية بعد وفاته، ينتفع بها ورثته وغيرهم، بإقامة المناسبات فيها، فهل الوصية نافذة شرعًا؟ وهل يحق لأرملة المتوفى أن تتصرف في الوصية، بالتنازل لأحد أبنائها عن المسكن أو غيره؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن قول الموصي: (صدقة جارية)، وقوله: (وغيرهم)، وقوله: (لإقامة المناسبات) قرائن تدلُّ على أنه أراد به التحبيس المؤبد، قال الشيخ خليل رحمه الله: “بِحَبَّسْتُ وَوَقَفْتُ وَتَصَدَّقْتُ إِنْ قَارَنَهُ قَيْدٌ أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ”، قال الشيخ الزرقاني رحمه الله -شارحا- وسلمه البناني رحمه الله: “وَمِثْلُ الْقَيْدِ بِلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ فِي جِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ الْقَيْدُ بِالسُّكْنَى وَالاسْتِغْلَالِ” [شرح الزرقاني على مختصر خليل: 7/150-151]، وشرط إمضاء الوصية أن تكون قدر ثلث التركة فأقل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ أَعْطَاكُمْ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ) [السنن الكبرى للبيهقي: 12571]، فإن زادت على الثلث، فإنّها تكون موقوفةً على إمضاء الورثةِ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) [الموطأ: 1495]، فإن أمضوها فهو ابتداءُ عطية منهم، وإن امتنعوا عن إمضائها فإن القدر الزائد على الثلث تركة تقسم بين الورثة، كل حسب نصيبه المقدّر شرعًا، ولا يحق لأرملة المتوفى التصرف بتنازل أو غيره إلا فيما ينوبها من التركة خارج هذه الوصية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
17//صفر//1442هـ
05//10//2020م