طلب فتوى
الفتاوىالقرآن الكريم وعلومهاللباس والزينةقضايا معاصرة

وضع آيات من القرآن الكريم على صور خطوبة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5995)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

تضع بعض الفتيات عند الخطوبة وَردًا أو خاتمَها وخاتمَ خطيبها، على آيةٍ من آيات القرآن الكريم في المصحف، مثل قوله تعالى: (وَٱلطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَٰتِ)، فما حكم ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنَّ القرآن لم ينزل لهذا التلهّي، ولم يجعل للتزين به والتقاط صور آياته مع مقتنيات الناس؛ لتزكية النفس والشهادة لها بالثناء والرفعة والتباهي بذلك، وإنما أنزله الله تبارك وتعالى للعمل به، والوقوف عند أمره ونهيه.

والطيبون هم من تدبروه، وأخذوا بما جاء فيه من التذكير والمواعظ والعبر، وخشعت قلوبهم وجلودهم لذكر الله عند تلاوته، لا من التقط صور آياته مع مقتنياتهم، قال الله تعالى: (ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا مَّثَانِيَ تَقۡشَعِرُّ مِنۡهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمۡ وَقُلُوبُهُمۡ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ) [هود:22]، وقال تعالى: (كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ)  [ص: 29]، وقال تعالى: (لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ) [الحشر: 21].

فالطيبون هم من استقاموا على منهجه، واتعظوا بذكره، لا من التقطوا الصور معه.

والواجب التوقف عن مثل هذه البدع والتلهي بها للانشغال بها عن المقصود من القرآن.

ثم إن هذا يتنافى مع تعظيم القرآن؛ فإن من تعظيم القرآن ألّا يوضعَ على المصحف شيءٌ غير مصحف مثله، قال الحليمي رحمه الله عند كلامه على وجوه تعظيم القرآن الكريم: “ومنها: أن لا ‌يُحمَل ‌على ‌المصحفِ كتابٌ آخرُ، ولا ثوبٌ، ولا شيءٌ خطيرٌ ولا حقيرٌ، إلا أن يكونَ مصحفانِ فيوضَعَ أحدُهمَا فوقَ الآخَر فيجوزُ” [المنهاج في شعب الإيمان: 2/ 212]، ونصَّ الأحناف في ترتيب كتب العلم، على أن يوضع المصحف فوق الجميع، قال الحصكفي رحمه الله: “وَيُوضَعُ النَّحْوُ ثُمَّ التَّعْبِيرُ ثُمَّ الْكَلَامُ ثُمَّ الْفِقْهُ ثُمَّ الْأَخْبَارُ وَالْمَوَاعِظُ ثُمَّ التَّفْسِيرُ” [الدر المختار شرح تنوير الأبصار: 30]، وقال ابن عابدين رحمه الله: “زَادَ الرَّمْلِيُّ عَن الْحَاوِي: وَالْمُصْحَفُ فَوْقَ الْجَمِيعِ” [رد المحتار على الدر المختار: 1/178].

عليه؛ فلا يجوز وضع وردٍ ولا خاتمٍ على المصحف، ولا على آيةٍ من آيات القرآن الكريم في المصحف، سواء عند الخطوبة أو غيرها؛ فإن هذا ينافي تعظيم القرآن الكريم، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

28//شوال//1446هـ

27//أبريل//2025م 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق