بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3382)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
توجد قطعة أرض، يشترك في ملكيتها على الشيوع أبي وأخواته وأبناء عمه، لأبي وأخواته الثلث، ولأبناء عمه الثلثان، وكان أبي وأبناء عمه يستغلونها جميعا في الحرث بالتراضي، وفي الستينيات قام والدي في حفل ختان بنحل ابنَي إحدَى أخواته جزءًا من هذه الأرض، يقدر بخمسة أرماح (الرمح يساوي ستة عشر ذراعًا بذراع الإنسان المتوسط)، وكان ذلك مشافهة على الملأ، ثم طالب مرارًا وتكرارًا بقسمة الأرض بين الورثة، وماطله أبناء عمومته بحجج واهية، فقد كانوا أكثر المنتفعين من بقائها غير مقسمة، وتوالت السنون، واحتد أبي في المطالبة بالقسمة، وبعد نزاع طويل آل الأمر إلى تحكيم لجنة صلح رسمية، وطالب الوالد وأصرّ أن تقتصر القسمة على الأرض التي لها وثائق بحوزة الورثة، دون ما وضعت عليه اليد استغلالا، ولم توجد وثائقها، مما ترتب عليه نقصان الأرض المقسومة، حيث أصبح كل ثلث لا يتجاوز عشرة أرماح، بعد قسمتها على ثلاثة سنة 2003م، وفي نفس العام كتب لأبي أن يحجّ، وتوفي هناك بعد أداء الفريضة، وكانت أخواته الوارثات معه قد توفين قبله ولهن ورثة، وعليه؛ فما حكم النحلة المذكورة؟ وكيف تنفذ؟ علما بأنه لم يطالبنا أحد من المقصودين بالعطية، ولم يتصرف أحد من أولياء المعطى لهم في الأرض.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ نحلة الختان من قبيل الهبةِ، ومِن شروط الهبة أن يحوزَها الموهوب له في حياة الواهبِ، ويتصرفَ فيها تصرفَ المالكِ في ملكه، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة، فإن ماتَ قبل أن تحازَ فهي ميراث” [الرسالة:117]، وتصح الهبة على الشيوع، بشرط تصرف الموهوب له مع الشركاء، وإذا كان الموهوب له طفلا صغيرا – كما في السؤال – فيشترط أن يحوز عنه وليه؛ قال مالك رحمه الله: “ولا يحوز للطفل إلا من يجوز له إنكاحه، والمباراة عليه، والبيع والشراء له” [الاستذكار:111/23].
فإذا كان الواقع ما ذكر في السؤال، من أن أولياء الموهوب لهم لم يتصرفوا في الأرض مع بقية الملاك، حتى مات الواهب، فإن الأرض حينئذ ترجع ميراثًا كلها، والهبة باطلة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
12/المحرم/1439هـ
02/أكتوبر/2017م