طلب فتوى
الأسرةالفتاوىالنكاح

تشبه الرجل بالنساء بسبب اضطراب الهوية الجنسية

تشبه الرجل بالنساء بسبب اضطراب الهوية الجنسية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5638)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا شابٌّ أعاني من مرضٍ نفسيٍّ، اسمُه (اضطراب الهوية الجنسية)، حيث أشعر أنني (أنـثى)، فأتصرّف مثلَ تصرفات الإناث، ولا يقع في نفسي ميولٌ إليهنّ، ولا أشعر أني (ذكر)، بل أنجذبُ إلى الذكور، وكأنّي لستُ منهم، وكلُّ هذا خارجٌ عن إرادتي حاليًّا، فقد تعرّضتُ في طفولتي إلى ظروفٍ أدَّت إلى وصولي إلى هذا الحال، منها أني كنتُ أتشبّه بالنساء آنذاك، وأتكلّم مثلهنّ، فاستمرّ معي هذا الشعور، وقد حاولتُ مرارًا أن أتصرّف كالذكور، ولكنّه كان شاقًّا عليّ، ولا يعدُو كونه تمثيلًا وتصنُّعًا، وإذا تصرّفتُ بعفويّة وتلقائية، فإنّي أتصرَّف كالإناثِ، فهل أنا آثمٌ على تصرفاتي التي فيها تشبّهٌ بالنساء؟ وهل يجبُ عليّ أن أسعَى في البحثِ عن علاجٍ لحالتي؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فلا شكَّ أنَّ تشبُّهَ الرجال بالنساء، وتشبُّهَ النساء بالرجال مِن كبائرِ الذنوب، فقد نَهى النبي صلى الله عليه وسلم  عنه، ولَعَن فاعلَه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ) [البخاري: 5885].

وهذه التصرّفات التي قام بها السائلُ في فترة طفولته ونشأ عليها، دونَ متابعةٍ من أهلهِ، هي التي أدّتْ به إلى الاضطرابِ في هويتِه الجنسية – حسبَ التشخيص – وإلا فمَن خلقَه الله تعالى ذكَرًا لا يمكنه أن يصيرَ أُنـثى، ولا العكس.

والواجبُ على السائلِ أن يتوبَ إلى الله مِن تشبهِه بالنساءِ، وأن يُقلِع عن ذلك في الحال، وليس له أن يتحجَّج بأنَّ هذه التصرفاتِ خارجةٌ عن إرادته، فهذا لا يُعفيه مِن الإثم، بل عليهِ أن يفعلَ ما بوسعهِ للتخلصِ منها ودفعِها، فإذا فعلَ ما يجبُ عليه فإنَّ اللهَ سيعينُه، ويُذهِبُ عنه هذهِ الوساوسَ والاضطرابات، قال تعالى: (وَٱلَّذِينَ ‌جَٰهَدُواْ ‌فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ)[العنكبوت: 69]، ويجبُ عليه أيضًا أن يَعْرِض نفسَه على أهلِ الخبرة من الأطباء، لعلَّه أن يجدَ عندهم علاجًا لحالتِه.

ومما ينبغي الإشارةُ إليه، أنَّ الأبَ والأمَّ يتحمَّلان جزءًا من المسؤوليةِ فيما تعرَّضَ له السائل؛ لتفريطِهما في تأديبِه، وعدمِ زجرِهما لهُ عن تشبههِ بالنساء، طيلةَ فترةِ طفولتهِ، حتى انطبعَ على ذلك، وصَعُبَ عليه تركُه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلَا ‌كُلُّكُمْ ‌رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) [البخاري: 7138، مسلم: 1829]، وقال: (إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ أَمْ ضَيَّعَ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ) [ابن حبان: 5103]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

18// ذو القعدة// 1445هـ

26//05//2024م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق