غصب أرض
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1201)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
تمتلك عائلتنا قطعة أرض، تبلغ مساحتها 113.3256 هكتارا، داخل المخطط العام لمدينة صرمان، بمحلة أبي هلال، وهي إرث قديم، يعود تاريخها إلى ما يقرب من مائتي عام، إلا أن الدولة قد وضعت يدها عليه بقرار رقم (4)، ثم قمنا بمراجعة جهات الاختصاص، ولم نجد ما يفيد نزع الملكية، وتمكنّا من تسجيل الأرض، ثم فوجئنا بأن الدولة أخذتها بالقوة، وقامت بإلغاء الشهادة العقارية، وسلمتها للخويلدي الحميدي وابنه خالد، والهادي امبيرش، فبنَوا عليها مباني للدولة، ومدارس ومحلات؛ بعضها خاص وبعضها عام، فما حكم الشرع في هذه الأرض، وكيف نصل إلى حقنا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فقد نص العلماء على أن حكم الحاكم ينقض إذا خالف الشرع، ولا ينفذ حكمه، ويبقى الحق لأصحابه، وهذا القانون من القوانين الجائرة التي أباحت ممتلكات الناس ظلماً وعدوانا، فاغتصب بموجبه العديد من الناس ممتلكات الآخرين، وكل ما حصل بموجب هذا القانون تـَـــعـَدٍّ وغصب، لا يَثْبُتُ به حق، ويجب على من امتلك عقاراً بموجب هذا القانون أن يرده لأصحابه، ويتوب ويرجع إلى الله ـ عز وجل ـ ويتحلل منهم، من قبل أن يأتي يوم يكون الوفاء فيه بالحسنات والسيئات.
فإذا كانت الدولة قد أعطتكم تعويضًا بالثمن الحقيقي للأرض، وأبرمتم معها عقدًا برضاكم، فليس لكم أن تطالِبوا بشيء؛ لأنكم قبضتم العوض، ورضيتم به، أما إذا لم تدفع الدولة عوضًا لكم، أو دفعت عوضًا بخسًا لم ترضَوا به في ذلك الوقت، فلكم أن تطالبوا الدولة بالتعويض؛ لأن فعل الدولة حينها تعَدٍّ وغصب، لا يثبت به حق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ لِعِرْق ظَالِم حَقٌّ) [أبوداود:3075]، ويجب عليكم الرجوع في استرداد حقوقكم إلى القنوات المعروفة، وما تقرره المحاكم والهيئات المخولة بذلك، ولصاحب الأرض المغتصبة الخيار؛ بين هدم البناء وتسوية الأرض كما كانت، وبين أن يأخذها ببنائها وغرسها، ويدفع للغاصب قيمة البناء والغرس منقوضا، قال الدردير: “(وَخُيِّرَ رَبُّهُ) أَيْ: رَبُّ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ، إذَا كَانَ أَرْضًا (إنْ بَنَى) الْغَاصِبُ عَلَيْهَا، فَالْخِيَارُ لِرَبِّهِ لا لِلْغَاصِبِ (فِي أَخْذِهِ) أَيْ: أَخْذِ مَا غَصَبَ مِنْهُ مِن الْأَرْضِ، وَمَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ (وَدَفْعِ) أَيْ: مَعَ دَفْعِ (قِيمَةِ نَقْضِهِ)[حاشيةالصاوي:211/2]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
18 جمادى الآخرة 1434 هـ
الموافق 2013/4/28 م