بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1308)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
بعض الشباب في منطقتنا – هداهم الله – يقومون بتقطيع المسابح وإخراجها من المسجد، تحت مسمى محاربة البدع، فما حكم استخدام المسبحة في التسبيح والذكر؟ وهل يجوز إتلاف المسابح الموجودة في المساجد؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالتسبيح بالمسبحة جائز، وما ورد من أحاديث العدّ بالنوى والحصى كاف في الدلالة على أصل مشروعيتها؛ لصلاحية تلك الأحاديث من حيث الصنعة الحديثية للاستدلال بها، منها حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به، فقال: (ألا أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل؟ فقال: سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض، وسبحان الله عدد ما بين ذلك، وسبحان الله عدد ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك) [الترمذي:3568، أبو داود:1500]، والحديث صححه ابن حبان، والحاكم في المستدرك، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
وعن صفية رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بهن، فقال: يا بنت حيي ما هذا؟ قلت أسبح بهن، قال: قد سبحت منذ قمت على رأسك أكثر من هذا، قلت: علمني يا رسول الله، قال: (قولي سبحان الله عدد ما خلق من شيء)[الحاكم:2008] وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وله شاهد من حديث المصريين بإسناد أصح من هذا.
فالسلف الصالح جاء عنهم استعمال العد بالحصى والنوى، وعد التسبيح بالمسابح مثل عده بالحصى والنوى؛ لعدم الفرق بينهما، والعدّ بدونها أفضل دون شك، لمن قدر ولم يشوش عليه، فإن الأنامل مستنطقات، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [أبو داود:1501].
ولو لم يرد في السنة شيء أصلا يدل على مشروعية السبحة، فليس للعدّ بها علاقة بالبدعة؛ لأن الذاكر يتعبد بالذكر لا بالعدّ، فهي وسيلة يُستعان بها على عبادة مشروعة، وليست طريقة العد عبادة مقصودة لذاتها، وذلك كما يُستعان على إسماع الأذان بمكبر الصوت، وعلى بلوغ مكة للحج والعمرة بالسيارة والطيارة، وكان الناس يعتمدون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم على أصواتهم، ولا يعرفون مكبرات الصوت في الأذان، ويحجون رجالا، وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق، وليس في مخالفة ذلك بدعةٌ ولا إحداثٌ إجماعاً.
وبناءً على ما ذكر فلا يجوز شرعاً إتلاف المسابح وإخراجها من المساجد؛ لما يترتب على ذلك من العداوات والفرقة بين المسلمين في شيء لا مصلحة فيه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الغرياني
محمد علي عبدالقادر
أحمد محمد الكوحة
الصادق بن عبدالرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
2 شعبان 1434هـ
2013/6/11