بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1305)
السيد/ مدير إدارة الدراسات والبحوث بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد؛
فبالإشارة إلى مراسلتكم ذات الرقم الإشاري (3035/2013)، بشأن السؤال عن توحيد ذمة الأوقاف، والصرف من حساب واحد وفق ميزانية تقديرية سنوية.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل صرف الوقف في مصارفه التي وقف من أجلها، فينظر إلى وصية الواقف، إن وقفه على شيء بعينه؛ كمسجد أو مدرسة، فلا يجوز صرفه لغيره؛ لأن اتباع شرط الواقف واجب، إذا خلا من مخالفة شرعية، قال تعالى: )فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(، قال خليل: “واتبع شرطه إن جاز”، وقال ابن الحاجب: “مهما شرط الواقف ما يجوز له اتبع، كتخصيص مدرسة أو رباط أو أصحاب مذهب بعينه” [التاج والإكليل:649/7]. وقال المواق: “لابد لمتولي النظر في الحبس من مراعاة قصد المحبس واتباع شرطه إن كان جائزاً، فما خصه المحبس بنوع لا يصرف في غيره” [المعيار:150/7] هذا عند التبين، لكن إن التبس الأمر، وكانت الأموال التي تم تحصيلها لصالح الوقف غير مفصلة المصارف، فإنه يجوز الصرف منها لصالح الوقف المنوع الأغراض حسب الحاجة؛ لأن ما كان لله يصرف بعضه في بعض، قال ابن رشد في تحويل بعض الأحباس إلى غيرها: “فلا بأس في ذلك؛ لأن ما كان لله، فلا بأس أن يستعان ببعض ذلك في بعض على ما النفع فيه أكثر، والناس إليه أحوج” [البيان والتحصيل:2/ 220]
لذلك فإذا عين الواقف جهة معينة، أو شرط شرطاً، صُرف ريع الوقف على تلك الجهة، ونفذ ذلك الشرط.
أما الإيرادات التي تدخل إلى خزينة الأوقاف، وأصلها وقف لم يعين الجهة التي يصرف إليها، أو كان أصلها تركة بدون وارث، وكذلك الأوقاف التي انقطعت مصارفها، فللإدارة العامة للأوقاف أن توزع هذه المبالغ باجتهادها حسب المصلحة الشرعية، والأفضل أن يصرف الوقف الغير المعين من كل منطقة في وجوه البر والخير والإحسان في تلك المنطقة، فإنه أقرب لقصد الواقفين.
وينبغي لوزارة الأوقاف إعداد اللوائح والقوانين التي تنظم الإشراف على نظار الوقف، وتدريبهم ومحاسبتهم في صرف غلة الأوقاف على مستحقيها، واسترجاع الأوقاف المغتصبة من مغتصبيها، فإن هذا من أوجب الواجبات في الوقت الحاضر، ففي المعيار المعرب : قال عبد الله العبدوسي: “تطوف ناظر الحبس وشهوده وكتابه وقباضه على ريع الأحباس أكيد ضروري لابد منه، وهو واجب على الناظر فيها, ولا يحل له تركه؛ إذ لا يتبين مقدار غلاتها ولا عامرها ولا غامرها إلا بذلك, وما ضاع كثير من الأحباس إلا بإهمال ذلك, فيأخذ الناظر وفقكم الله بالكد والجد والاجتهاد” [المعيار : 348/7]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
محمد علي عبد القادر
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
2/شعبان/1434هـ
2013/6/11