صندوق التكافل الاجتماعي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1420)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أَسّست شركة المدار صندوقًا للتكافل الاجتماعي، تساعد فيه من انتسب إليه في الزواج والإنجاب والوفاة وأداء فريضة الحج والأمراض والحوادث، ويتم تمويله من رسوم الانتساب لأول مرة، ومن الاشتراكات الشهرية وقيمة الجزاءات المستقطعة من الموظفين، مع الدعم الذي تقدمه الشركة للصندوق، فما حكم هذا الصندوق وما ضوابطه الشرعية؟
ويتأخر بعض الموظفين عن الانتساب للصندوق عمدا، وعندما يقرر موعد الزواج يتقدم بطلب الانتساب، فهل تتم مطالبته بسداد الاشتراكات الشهرية من تاريخ تأسيس الصندوق؟ وهل من ضابط يحد من استفادة أحد الموظفين من المساعدات ثم التقدم بطلب الانسحاب؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنشاء صندوق ليكون عونا على تزويج العزب، وعلاج المريض، وعونا لمن تحمّل حمالة أو احتاج مالا، يعد أمرًا مشروعًا محمودًا، من التعاون على البر والتقوى، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، قال صلى الله عليه وسلم: (وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) [مسلم:2699]، ومن يدفع عشر دينارات كل شهر إلى هذا الصندوق طواعية منه – لا يدفعها ليغامر بها رغبة في كسب مال الآخرين، وإنما يفعل ذلك ليعين نفسه ويعين غيره، عندما تنزل به أو بهم نازلة لا يقدرون على دفعها حتى يدفعوها متعاونين – يكون مأجورا إن شاء الله، فقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الأشعريين فقال عنهم: (إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم) [البخاري:2354]، فمالُ الأشعريين قد يصيب فيه أحدهم أكثر مما يصيب غيره، ومال الصندوق كذلك، قد يصيب فيه أحدُ المشاركين أكثر مما يصيب غيره، فليس فيه غرر ولا غبن، كما لم يكن في ثوب طعام الأشعريين غرر ولا غبن.
وينبغي أن تكون مصارف الصندوق كلها مصارف مشروعة، وليس فيها إعانة على إنفاق غير مشروع، كدفع المال لمن يموت له أحد قرابته ليعينوه على شراء الذبائح وإطعام الطعام، فإن طعام الميت منهي عنه؛ لما جاء في حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: (كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة)، [ابن ماجه:1612].
كما أنه يجوز للشركة سن قوانين للحد من ظاهرة التهرب من دفع الأقساط أو التحايل كتحديد مدة الاشتراك بسنة أو ثلاث أو خمس أو أكثر أو أقل، بحيث يلزم بالدفع خلال مدة الاشتراك، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
محمد علي عبد القادر
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
14/شوال/1434هــ
2013/8/21م