خيانة للأمانة، وغش للرعية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى ( 1454 )
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أنا موظف في شركة ليبية مساهمة في مجال الغذاء، وقد تم تكليفي بالتفتيش الخارجي لشحنات وبواخر القمح المستوردة لصناعة الدقيق، المستعمل في صناعة الخبز والخبيز للمواطن، وهذه الشحنات والبواخر قادمة من دول أجنبية مختلفة، ووظيفتي هي التفتيش عن هذه الكميات في موانئ الدول المصدِّرة لها، ولكن الشركة المشرفة على التفتيش والمتعاونة معنا، ومدير إدارتنا والمدير العام ورئيس مجلس الإدارة، يأمرون الموظَّفين بأخذ مستحقات السفر اللازمة والبقاء في ليبيا، دون الكشف على هذه الشحنات والبواخر، وبالتالي فإن احتمالية وجود فساد في القمح تكون كبيرة جدا، مما قد يتسبب في جلب الأمراض للمواطن، فما حكم هذا الإجراء؟ وما حكم الأموال التي صرفت للموظفين بدل سفرهم وشراء ذممهم؟ وما حكم وجود هؤلاء المدراء في مناصبهم الحالية؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن ما يفعله مدراء ورؤساء أقسام هذه الشركة أوغيرها مما ذكر في السؤال، يعدّ من خيانة الأمانة التي أسندت إليهم، وقد حذّر الله تعالى من خيانة الأمانة، فقال: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ( [الأنفال:27]، وهو غشّ للرعية، التي استرعاهم الله تعالى إياها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما مِن عبد يسترعيه اللهُ رعيةً يموتُ يوم يموت وهو غاشّ لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنة) [مسلم:1459/3]، ولا يجوز للموظفين قبول هذه المكافآت في حالِ عدم سفرهم أو عدم قيامهم بعملهم على أكمل وجه؛ لأنهم لا يستحقون المال إلا بالقيام بالعمل، قال صلى الله عليه وسلم: (واللهِ لا يأخذُ أحدٌ منكم شيئا بغيرِ حقِّه إلا لقيَ اللهَ يحملُه يومَ القيامة) [البخاري:28/9]، وقال صلى الله عليه وسلم: (وإنّ هذا المال خضِرةٌ حلوة … وإنه مَن يأخذه بغيرِ حقّه كالذي يأكل ولا يشبعُ، ويكون شهيدا عليه يوم القيامة) [البخاري:532/2]، وعلى الدولة محاسبة هؤلاء وأمثالهم ليكونوا عبرة لغيرهم، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
4/ذو القعدة/1434هـ
2013/9/9م