طلب فتوى
Uncategorized

نشوز الزوجة وتحريض أبنائها على أبيهم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3672)

ورد إلى دار الإفتاء الليبية الأسئلة التالية:

السؤال الأول: ما حكم محاولة انتحار الزوجة عند رفض الزوج لأحد طلباتها، بتناول كميات كبيرة من الأدوية دفعة واحدة حتى تفارق الحياة، لكن الله سلم، ونقلت إلى المستشفى للقيام بعملية غسيل للمعدة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الإقدام على الانتحار جرم عظيم وذنب كبير، فالمنتحر مستحق للخلود في النار، إن هو مات، قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) [النساء:29،30]، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا) [البخاري: 5778]، وعلى من أقدم على هذا الصنيع ثم نجاه الله أن يتوب إلى الله، وأن يستغفر عما بدر منه، وأن لا يعود لمثله أبدا، فلا يمكن بحال من الأحوال أن يكون حل المشاكل هو الانتحار، وطلبات المرأة من زوجها إن كانت تدخل ضمن النفقة الواجبة عليه ومنعها منها فإنه آثم، وإن كانت من الكماليات فلا يجب عليه تلبيتها إلا أن يطَّوع، والله أعلم.

السؤال الثاني: ما حكم نشوز الزوجة عن طاعة زوجها، وهجرها لفراشه، وخروجها من البيت دون إذنه، والمبيت خارجه دون علمه، بل وضرب الزوج؟!

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنه لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها لغير ضرورة، إلا بإذنه، ويجب عليها طاعته في المعروف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) [البخاري:6830، مسلم:1840]، بل جعل النبي صلى الله عليه وسلم طاعة الزوج من أعظم القربات، فقال: (لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا) [الترمذي: 1159] بل جاء في بعض الألفاظ: (وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ تُؤَدِّى الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّىَ حَقَّ زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِىَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ)[ابن ماجه: 1926]، وجرأتها على ضرب زوجها تنافي ذلك كله، وفي مثل هذه الحالة يشرع بعث الحكمين لمعرفة السبب  للمصالحة أو الفراق، قال الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) [النساء: 35]، كما أنه لا يجوز للمرأة هجر فراشه، قال صلى الله عليه وسلم: (إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ) [البخاري: 5194، مسلم: 1436]، والله أعلم.

السؤال الثالث: ما حكم تحريض الزوجة لأبنائها ضد أبيهم، حتى قاموا بطرده خارج البيت؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فتحريض الزوجة الأبناء على عقوق أبيهم وعصيانه، حتى بلغ بهم الحال إلى طرده من البيت، أمرٌ منكر، بل كبيرة من كبائر الذنوب، على الزوجة وعلى الأبناءِ على حد سواء، فقد أوصى الله ببر الأب، كما أوصى ببر الأم، قال تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)[لقمان:14]، وقال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)[الإسراء:23]، والعقوق من السبع الموبقات المهلكات، وعلى الأبناء أن يسلكوا الطرق الحكيمة في تهدئة الخلافات بين الأبوين، لا أن يقفوا مع طرف دون طرف، وعليهم أن يستغفروا الله من إثم طردِهم لأبيهم، وأن يستسمحوه، ويطلبوا العفو منه، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

03/ربيع الأول/1440 هـ

11/نوفمبر/2018م

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق