طلب فتوى
Uncategorized

تخصيص هبة لأحد الأبناء لبره

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى ( 3688)

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

عندي خمسةُ أولادٍ وزوجةٌ وبنتٌ، وأولادي عاقّون، ووالدتُهم طريحة الفراش، ولا يوجد من يقوم بالواجب والبرّ إلا ابنتي، أريد أن أتنازل عن البيت وأسجلّه باسم ابنتي، فهل هذا جائزٌ شرعًا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ من ملك شيئاً حُقّ له التصرّف فيه كيف شاء؛ ببيع أو هبة، أو نحوها من التصرّفات الجائزة، والهبة لا تتم إلا بالحيازة، وهي تصرّف الموهوب له في الهبة تصرّف المالك في ملكه، قال ابن أبي زيد رحمه الله: “ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة”[الرسالة:117].

ويشترط للهبة ألا يكون الغرض منها حرمانَ الورثة والإضرارَ بهم؛ لمخالفتها قصدَ الشارع من قسمة الميراث بالعدل، قال تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء:11]، وأما إذا كان الغرض من الهبة مراعاةَ الضعيف أو المريضِ أو الأكثرِ برًّا وإحسانًا؛ فلا حرج فيها، فقد قال ابن رشد رحمه الله: “وسئل مالك: عن الرجل يكون له ولد فيبره بعضهم، فيريد أن يعطيه من ماله دون بعض، أذلك له؟ قال: نعم، لا بأس به، ذلك له. قال محمد بن رشد: إنما أجاز مالك أن يعطى الرجل العطية لمن يبره منهم؛ لأنه لم يقصد بذلك إلى تفضيل بعض ولده على بعض، وإنما أعطى البار جزاء على بره، وحرم العاقَّ أدبًا لعقوقه، فلا مكروه في ذلك إن شاء الله. وإنما المكروه أن يفضل بعض ولده على بعض، فيخصه بعطية، مخافة أن يكون ذلك سببًا إلى أن يعقه الذي أحرمه عطيته، أو يقصر فيما يلزمه من البر به” [البيان والتحصيل:13/400].

ولو تجعل مساعدتك لها بمال آخر – إن كان لك مال – تجعله في حسابها في المصرف، دون علم باقي الورثة، ربما يكون أولى وأحسن لها، ولو ببيع شيء من أملاكك؛ لأن إعطاءها البيتَ ما داموا عاقّين يُحدث العداوة بينهم وبينها، وقد يخرجونها منه، فيتحول إحسانك إليها بإعطائها البيت إلى ضررٍ عليها، ثم إن الهبة لا تتم إلا بالحيازة؛ وهذا معناه أنك لا بد أن تخلي البيت وتخرجَ منه، وبيع البيت لها قد يطعنون فيه بأنه بيع شكلي؛ لأنهم يعلمون أنها لا مال لها، فهذا وجه مساعدتها إن أردت مساعدتها، بشرط ألّا تحرم أولادك شيئًا من الميراث؛ والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

25/ربيع الأول/1440هـ

04/12/2018م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق