حكم تخبيب المرأة على زوجها
بسم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3703)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ما الواجب على مَن عُيّن حكمًا للصلح بين زوجين، وما حكم مَن بدرَ منه عدمُ السعي في الصلح بينهما؟ وما معنى (خَبَّبَ) في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليسَ منَّا مَن خبّبَ امرأةً على زوجها)؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالواجب على من عُيّن حَكمًا للصلح بين زوجينِ، أن يصلحَ ويوفق بينهما ما استطاع، وهذا هو الذي ينبغي الحرصُ عليه، وهو الذي نبّه إليه القرآن، قال تعالى: ﴿إِنْ يُّرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ ] النساء:35[، ويكون الصلح برفع النشوز الحاصل، قال القرطبي رحمه الله: (وَيَخْلُو الْحَكَمُ مِنْ جهتها بالمرأة ويقول لها: أتهوِينَ زَوْجَكِ أَمْ لَا، فَإِنْ قَالَتْ: فَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَأَعْطِهِ مِنْ مَالِي مَا أَرَادَ، فَيُعْلَمُ أن النشوز من قِبَلها. وإن قالت: لَا تُفَرِّقْ بَيْنَنَا وَلَكِنْ حُثَّهُ عَلَى أَنْ يَزِيدَ فِي نَفَقَتِي وَيُحْسِنَ إِلَيَّ، عُلِمَ أَنَّ النُّشُوزَ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهَا. فَإِذَا ظَهَرَ لَهُمَا الَّذِي كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهِ يُقْبِلَانِ عَلَيْهِ بِالْعِظَةِ وَالزَّجْرِ وَالنَّهْيِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها﴾) ]تفسيرالقرطبي:5/174[، وكذلك يفعلُ مع الزوج.
ومعنى (خَبَّبَ) يقال خبَّب الشَّخصُ الشَّخصَ، أي: خدعه وأفسده، وغرَّر به، وخَبَّبَ على فلان زوْجَه، أي: أَفسدَها عليه، ويحرمُ التخبيبُ، وهو إفساد العلاقة بين الزوجين؛ لما جاء في الحديث: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا) [أبوداود:2175]، قال ابن الأثير رحمه الله: “أَيْ: خَدَعه وَأَفْسَدَهُ” [النهاية:4/2]، والواجب على مَن صدر منه هذا الصنيع التوبةُ إلى الله، وإصلاحُ ما أفسدُه، واستحلالُ الطرف الآخر، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
09/ربيع الآخر/1440هـ
16/12/2018م