بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1629)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
اشتغلت أنا وأبنائي في تجارة الغنم، منذ أن كانوا صغارا، ولما كبروا وصارت لهم مرتبات، أعنتهم من مالي الخاص في بناء بيوت لهم، فهل لي أن أضم هذه البيوت إلى ممتلكاتي، وأن أجبرهم على أن يصرفوا على البيت من مرتباتهم؟ علمًا بأنه ليس لأحد منهم عائلة.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنه لا يجوز لك أن تجبر أبناءك على الإنفاق على البيت، من غير رضاهم؛ ما دمت قادرا على الإنفاق عليه، كما لا يلزمك الإنفاق عليهم بعد البلوغ، فالبالغون من الذكور ينفقون على أنفسهم، وما عداهم من أهل البيت نفقتهم واجبة عليك، والمال الذي أعطيته لأبنائك على وجه الهبة لا يجوز لك الرجوع فيه بعد التصرف فيه، ولا تُعَدُّ البيوت التي بنوها منه ملكا لك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ) [أبوداود:3539]، قال القرافي: “وَللْأَب اعْتِصَارٌ – وهو جوازُ رجوع الوالد في هبته لولده – مِنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مَا لَمْ يَنْكِحْ أَوْ يَتَدَايَنْ أَوْ يُحْدِثْ فِي الْهِبَةِ حَادِثًا … أَوْ تَتَغَيَّرِ الْهِبَةُ فِي نَفْسِهَا لِانْتِقَالِ الْعَيْنِ” [الذخيرة:266/6]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
15/صفر/1435هـ
2013/12/18م