بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1637 )
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
دفع رجل قطعة أرض على وجه المغارسة، وهذه الأرض مشتركة بينه وبين شركائه، الذين لا يعلمون بعقد المغارسة، ويقيمون بعيدا عن الأرض، وبعد فترة من الزمن، وعند انتهاء أجل المغارسة واستيفاء شروطها، قام الدافع والعامل بقسمة الأرض، والنصف المقسوم للدافع لا يكفي لنصيب شركائه، الذين ليس لهم علم بالعقد، وبعد علمهم به قاموا برفع دعوى لإسقاط العقد المذكور، فهل لهم ذلك؟ وإن كان لهم علم به، فهل يسقط حقهم في ذلك، أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن تصرف الشريك في نصيب شركائه يعد من تصرف الفضولي، وهو موقوف على إجازة الشركاء، فإن أجازوه مضى، ويرجعون بالثمن عليه، ما لم تمضِ مدة الحيازة، وهي عشر سنين، فإذا مضت سقط حقهم في المطالبة بالثمن، وإن لم يجيزوه، فإنه لا يمضي، ويستحق العامل أجرة المثل، يرجع بها على أصحاب الأرض، قال الدردير رحمه الله: “(وَ) صَحَّ بَيْعُ (غَيْرِ الْمَالِكِ) لِلسِّلْعَةِ – وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْفُضُولِيِّ – (وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي) أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَمْلِكُ الْمُبْتَاعَ. وَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَتِهِ مُنْحَلٌّ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ، (وَوَقَفَ) الْبَيْعُ (عَلَى رِضَاهُ)” [الشرح الصغير مع حاشية الصاوي عليه: 26/3].
وإن علموا بالعقد وسكتوا عنه، فإن سكوتهم طيلة هذه المدة – عشر سنين – يُعَد رضًا منهم عن المغارسة المذكورة؛ ولا حق لهم بعد ذلك في الاعتراض عليها، قال التسولي: “ما يعلم بمستقر العادة أن أحدًا لا يسكت عنه إلا برضا منه، فيكون إذنًا ورضا” [البهجة:64/5]، وهذا ما لم يعذروا بأنهم لم يعلموا طول هذه المدة بتصرف شريكهم؛ وإلا فلهم الحق والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
23/صفر/1435هـ
2013/12/26م