بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1682)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
توفيت والدتنا، وتزوج بعدها الوالد بامرأة، وأصبح كل شيء تحت سيطرتها، واستحوذت على تفكير الوالد، وطلبت منه تسجيل ملكية عقار باسمها، فلم يثق الجميع في نواياها، وبقيت العلاقة بيننا غير مريحة، وسادت الفرقة بيننا، وفي عام 2010م، تبين أنها تعاني من مرض الالتهاب الكبدي، إلى أن تأزمت صحتها، وأصبحت غير قادرة على تدبير بيتها، والعناية بشيخوخة الوالد، الذي هو حاليا غائب عن الوعي، فهو لا يستطيع حتى التمييز بين أبنائه لمرضه وكبر سنه، وهي الآن مقيمة في بيت أهلها، ومؤخرا طلبت منا أكثر من مرة العودة إلى بيت أبينا، إلا أننا لم نوافق على طلبها، فهي لا تستطيع حتى معاناة نفسها، واكتفينا بإعطائها بعض المال كنفقة ومساعدة لها، وغطينا مصاريف علاجها، وسؤالنا هو: هل يجوز لنا أن نخلي سبيلها بأن نطلقها بالنيابة عن والدنا، مع التزامنا بمؤخر صداقها المقدر ـ كونها لم تعد قادرة على تحمل مسؤوليتها تجاه زوجها ـ أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن نفقة الزوجة واجبة على زوجها بالمعروف، إلا إذا نشزتْ، ومن النشوز الخروج من البيت بلا إذن الزوج إلى محل تعلم أنه لا يأذن فيه [الشرح الكبير:343/2]، فإذا خرجت بإذنه فليست بناشز، قال ابن شاس رحمه الله: “والخروج بغير إذنه نشوز، وبإذنه ليس بنشوز” [التاج والإكليل:551/5]، عليه؛ فلا يجوز لكم منع الزوجة من نفقة زوجها، ما دامت قد طلبت منكم الرجوع إلى بيت زوجها ورفضتم، ولو كانت مريضة لا تستطيع القيام بواجباتها، قال الشيخ خليل: “يجب لممكنة مطيقة للوطء على البالغ؛ وليس أحدهما مشرفا: قوت، وإدام، وكسوة، ومسكن بالعادة بقدر وسعه وحالها، والبلد والسعر”، قال الخرشي: “والإشراف العارض بعد الدخول لا يسقط النفقة” [شرح مختصر خليل: 386/4].
وليس من حقكم المطالبة بتطليق زوجة أبيكم؛ لأنه ليس لأحد أن يتصرف في هذا الحق بدون مبرر شرعي ـ كما هو الحال في هذا السؤال ـ فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الطلاق لمن أخذ بالساق) [سنن ابن ماجة: 2081]، ولعدم وجود مصلحة ومنفعة من طلاقها، وخصوصا إذا كان الغرض من طلاقها حرمانها من الميراث، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الغرياني
محمد الهادي كريدان
غيث محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
7/ربيع الأول/1435هـ
2014/1/8م