على من تكون دية القتل في الخطأ والعمد
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1730)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
تعرضت خلال سنة 2011م لمشاجرة نتج عنها حالة وفاة، وقد استمرت المشكلة إلى الآن، وقد قامت لجنة الصلح الاجتماعي بإقناع ولي الدم بالصلح على الدية، وحيث إن الدية على العاقلة، وهي لم تساعدني في تجميع المبلغ المطلوب، فهل تعتبر جهة العمل من العاقلة، ويجب عليها مساعدتي في دفع الدية؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد :
فإذا كان القتل عمداً، أو كان قتل خطإ اعترف فيه القاتل، فإن الدية لا تتحملها العاقلة، وإنما يتحملها الجاني وحده تغليظاً عليه؛ قال ابن الحاجب رحمه الله: “ولا تحمل عاقلة جناية عمد ولا عبد ولا صلحاً ولا قاتلاً نفسه عمداً أو خطأ ولا اعترافاً، ولا أقل من الثلث” [التوضيح :275/6].
وإذا كان القتل خطأ، فإن الواجب دفع الدية لأولياء المقتول، والدية واجبة على عاقلة القاتل ما لم يعترف بالقتل، فتكون عليه، وبلغت ثلث دية فأكثر، وتكون مخمسة، ومنجمة على ثلاث سنين؛ قال ابن الحاجب رحمه الله: “والدية على العاقلة إذا كانت خطأ أو في حكمه، من غير اعتراف، وبلغت ثلث دية المجني عليه، أو الجاني؛ أيضاً منجمة” [التوضيح على مختصر ابن الحاجب: 273/6]؛ لما أخرجه البيهقي رحمه الله عن الشافعي رحمه الله قال: “وجدنا عاما في أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قضى في جناية الحر المسلم على الحر خطأ بمائة من الإبل على عاقلة الجاني، وعاما فيهم أنها في مضي الثلاث سنين، في كل سنة ثلثها، وبأسنان معلومة” [190/8].
والعاقلة: هم أهل ديوان القاتل وعصبته من قرابته وإن بعدوا؛ لقضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه بذلك في محضر من الصحابة رضي الله عنهم به، قال ابن الحاجب رحمه الله: “والعاقلة: هي العصبة، وألحق بها أهل الديوان؛ لعلة التناصر …، ويبدأ بأهل الديوان، فإن اضطر إلى المعونة أعانتهم العصبة” [التوضيح: 276،275/6]، قال ابن عبد البر رحمه الله: “وكانت الدية في الجاهلية تحملها العاقلة، وهم العصبة، فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا يتعاقلون بالنصرة، فجرى الآن على ذلك، حتى فعل عمر رضي الله عنه الديوان” [الاستذكار: 149/8]، والمقصود بأهل الديوان: هم من يشتركون مع القاتل في الوظيفة في كامل الإقليم؛ قال الدردير رحمه الله في بيان معنى الديوان – : “الديوان: اسم للدفتر يضبط فيه أسماء الجند وعددهم وعطاؤهم…، فيقدمون على العصبة، حيث كان الجاني من الجند، ولو كانوا من قبائل شتى” [الشرح الصغير: 398/4]، فإن عجز عن سدادها أهل الديوان والعصبة، ففي بيت مال المسلمين.
وينبغي على من قلّده الله أمر المسلمين أن ينظم أمر الدية بحيث لا يغبن فيها أحد، وأن تجعل صناديق في المؤسسات لجمع الدية وجبر الضرر بين المسلمين عوضاً عن الضرائب والمكوس التي لا يدرى مصرفها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
محمد علي عبد القادر
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26/ربيع الأول/1435هـ
2014/1/27م