بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3771)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفيت أمي رحمها الله، وتركت قطعة أرض، ونقوداً، وذهباً، ومبلغاً ماليّا في المصرف، استحقته من راتب الضمان، وقد أوصت ببناء مسجد، فهل يجب تنفيذ الوصية من كامل التركة؟ وهل تجب الزكاة في مالها في المصرف؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ الوصيّة تصحّ وتنفذ إذا كانت في حدود ثلث ما يملكه الإنسان فأقلّ بشرط أن تكون لغير وارث؛ لقول الله عز وجل: (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) [النساء:11]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ أَعْطَاكُمْ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ) [السنن الكبرى للبيهقي: 12571]، ولا ينفذ مما أوصى به المتوفى قبل وفاته إلا ما كان في حدود الثلث؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه، وقد أراد أن يوصي بماله كلّه: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) [البخاري: 2593]، ولا يجبر الورثة على إخراج الزكاة من التركة قبل قسمتها، إلَّا إذا تحققوا أن الميت لم يخرجها، فإذا تحققوا من عدم إخراجها فإنهم يُجبرون على إخراجها، سواءٌ أوصى بإخراجها أم لم يُوصِ، قال الشيخ الدسوقي رحمه الله: “إِلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ الوَرَثَةُ عَدَمَ إِخْرَاجِهَا فَتُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ المالِ جَبْراً” [حاشية الدسوقي: 4/441].
وعليه، فإنه يجب على الورثة تنفيذ الوصية بقدر الثلث من التركة، وما زاد على الثلث فلا يجب عليهم إنفاذه إلا أن يتطوعوا، وأما مالها فإن تُحقق من عدم زكاته فيجب إخراجها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
30//جمادى الأولى//1440هـ
05//02//2019م