بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3984)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحن شركة (س) للنظافة والتعقيم ومكافحة الآفات، نعمل في مجال التخلص من المخلفات الطبية والبشرية، ونرغب في معرفة الرأي الشرعي في التخلص من المخلّفات الآتية:
الجنين في حالات الإجهاض، وما هو العمر المحدّد للتغسيل والصلاة عليه، الأعضاء البشرية، المشيمة، مخلفات مصرف الدم من أكياس الدم منتهي الصلاحية، وأكياس الدم التي تحتوي على الدماء ونواتج فصل الدم، مخلفات مراكز غسيل الكلى الخاصة بجلسات الغسيل من مصفيات وأنابيب، والتي تحتوي على دماء وسوائل الجسم الناتجة عن الغسيل، أنابيب التحاليل الطبية التي تحتوي على الدماء، ونواتج فصل الدم والسوائل البشرية، مخلّفات مراكز الحجامة من الكؤوس المليئة بالدم.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فقد اشترط علماؤنا لوجوب تغسيل الميت والصلاة عليه أن تعلم حياته بعد ولادته بصراخ ونحوه، مما يستدلّ به على استقرار الحياة، قال مالك: “لَا يُصَلَّى عَلَى الصَّبِيِّ … وَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُحَنَّطُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا” [المدونة:1/255] فإذا نزل الجنين من بطن أمه ميتًا وكان جامدًا، لا يتحللُ بصبِّ الماء عليه، فإنّه يلف بخرقة ويدفن وجوبا، ويستحب غسل الدم عنه، قال الدسوقي رحمه الله عن السقط: “يُنْدَبُ غَسْلُ دَمِهِ وَوَجَبَ لَفُّهُ بِخِرْقَةٍ وَمُوَارَاتُهُ” [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: 1/423]، وكذا البقايا البشرية الناتجة عن عمليات الاستئصالِ والولادة، يجب دفنها وعدمُ حرقِها، وهذا يشمل كلَّ ما انفصل من آدمي؛ كالأعضاء البشرية، والمشيمة، فتُلَفُّ هذه الأجزاءُ بخرقةٍ وتُدفن، وإنْ لم يكن لها حرمةُ الميت من حيثُ وجوب الغسل والصلاة عليه، قال القرطبي: “وَذَلِكَ كَيْ لَا يَتَفَرَّقَ وَلَا يَقَعَ فِي النّارِ، أَو فِي مَزَابِلَ قَذِرةٍ” [تفسير القرطبي:2/102]، وقال القرطبي رحمه الله: “قوله تعالى: ﴿ألمْ نَجعَلِ الأَرضَ كِفاتًا﴾ أي ضامّةً؛ تضمُّ الأحياءَ على ظهورِها والأمواتَ في بَطْنِها، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ مُوَارَاةِ الميتِ وَدَفْنِهِ، وَدَفْنِ شَعْرهِ، وَسَائِرِ مَا يُزيله عَنْه” [الجامع لأحكام القرآن:19/161]، وقال الدردير رحمه الله فيما لا يجوز استعماله من الجلد: “وَاسْتَثْنَوْا… جِلْد الْآدَمِيِّ لِشَرَفِهِ وَكَرَامَتِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ وُجُوبِ دَفْنِهِ.”[الشرح الصغير:1/52]، وأما الدم والسوائل المتبقية في الأنابيب ونحوها فلا يجب دفنها، ويراعى عند التخلص منها بالماء ونحوه من وسائل التعقيم الاحتياطات اللازمة التي لا تترك ضررا على البيئة ولا نقلا للأمراض، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء الليبية:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
24// المحرم// 1441 هجرية
23// 09// 2019م