طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالوقف

استغلال مقبرة مهجورة في بناء مدرسة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1787)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

توجد مقبرة قديمة، موقوفة على الموتى من أطفال المسلمين، وبها عدد قليل من قبور كبار السن، ومنذ زمن لم يدفن فيها أحد، وأهالي المنطقة يريدون استغلالها، وذلك بضمها لقطعة أرض بجانبها لبناء مدرسة؛ لحاجتهم لذلك، نظرا لكبر حيّـهم السكني، فهل يجوز لهم ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالأصل أن لا يُتصرف في المقبرة بأي نوع من أنواع التصرف؛ لأن القبر حبس على صاحبه ما دام فيه، قال خليل: “وَالْقَبْرُ حِبْسٌ لَا يُمْشَى عَلَيْهِ، وَلاَ يُنْبَشُ مَادَامَ بِهِ ” [المختصر:52]، وقال ابن الحاج: “قَدِ اتَّفَقُوا – أي: العلماء – عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَقْفٌ عَلَيْهِ، مَا دَامَ شَيْءٌ مَوْجُودًا فِيهِ حَتَّى يَفْنَى، فَإِنْ فَنِيَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ دَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ فَالْحُرْمَةُ بَاقِيَةٌ لِجَمِيعِهِ” [المدخل:18/2]، ولِمـا يؤدي له من إيذاء الأموات، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كسر عظم الميت ككسره حيّا) [ابن حبان:3167]، فإن كانت قبور الموتى المذكورة لم تندرس، أو بقي منها شيء، فلا يجوز البناء عليها، أما إذا كانت المقبرة دارسة غير عامرة، فيجوز إعادة استعمالها من جديد؛ لكن للدفن فيها، أو بناء مسجد عليها، لا لشيء آخر، قال الدردير – في كلامه على أحكام نبش القبر- : “إذَا عُلِمَ أَنَّ الأَرْضَ أَكَلَتْهُ، وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ، فَإِنَّهُ يُنْبَشُ؛ لَكِنْ لِلدَّفْنِ، أَو اتِّخَاذِ مَحَلِّهَا مَسْجِدًا، لا لِلزَّرْعِ وَالْبِنَاءِ” [الشرح الصغير:578/1].

عليه؛ فلا يجوز بناء مدرسة على المقبرة المذكورة، وكونها لا يدفن فيها أحد لا يبيح التصرف فيها لغير ما هي موقوفة عليه، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الغرياني

محمد الهادي كريدان

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

18/ربيع الآخر/1435هـ

2014/2/18م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق