بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1880)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
تخاصمت مع زوجتي، بحضور أبي وأمي وأخي، حتى فقدتْ زوجتي السيطرة على أعصابها، وفجأة أخذتْ في البكاء، وهي تدعو عليَّ، وتقول: إني طلقتها، مع أني متأكد بأني لم أتلفظ بالطلاق، بشهادة والِدَيَّ وأخي، واستفتيت أحد المشايخ، فقال: ليس عليك شيء، وطالب بعض أهلها بأن أسمح لها بالذهاب إليهم، ولكنها أبت، فجاء خالها، وأخذها بقوة السلاح، وحالوا بيني وبينها مع رغبتها في الرجوع إليّ، فلجأتُ إلى المحكمة مطالبا برجوعها، ورفعتْ هي وأخوالها قضية تطليق بالضرر، وبعد عدة جلسات حكمت القاضيةُ بتكليفِ حَكَم من أهلي وحكم من أهلها (خالها)، الذي طالب بدفع مؤخر الصداق بحجة وقوع الطلاق، ودفع مهر جديد حتى ترجع زوجتي إليَّ، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالقول في وقوع الطلاق من عدمه هو قول الزوج؛ لأن العصمة بيده، ما لم تأت الزوجة ببينة تثبت صحة دعواها؛ قال ابن جزي رحمه الله: (إذا ادّعت المرأة أن زوجها طلقها، وأنكر هو، فإن أتت بشاهدين عدلين نفذ الطلاق… وإن لم تأت بشاهد فلا شيء على الزوج) [القوانين الفقهية:153/2]، فإذا كان الواقع ما ذكر في السؤال، من قول الزوج أنه لم يصدر منه طلاق، فالزوجة لا تزال في عصمته، ولا اعتبار لما تدعيه الزوجة أو أهلها من الطلاق بدون بينة، وحكم المحكمة ببعث حكمين يدل على عدم وقوع الطلاق في نظر المحكمة أيضا، وللحكمين أن يحكما بإصلاح ذات البين، ويوفقا بين الزوجين، وهذا هو الذي ينبغي الحرص عليه، وهو الذي نبه إليه القرآن، قال تعالى: (إِنْ يُّرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) [النساء:35]، ولهما أن يوقعا الطلاق إن عجزا عن الإصلاح، وإن اختلفا ردا الأمر إلى المحكمة؛ لتنظر في الدعوى من جديد، وتستعين في ذلك بتقرير الحكمين، ولها أن تبعث غيرهما إن أشكل عليها الأمر، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
6/جمادى الآخرة/1435هـ
2014/4/6م