بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1920)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
خرجت زوجتي بدون إذني، فقلت لها: “أنت حاكمة على نفسك، إذا خرجْتِ مرة أخرى”، ونويتُ به الطلاق، وخرجَتْ مرة أخرى هي وابنتي، من غير إذني، فهل تعتبر طلقة أم ماذا؟ علمًا بأن لها طلقة سابقة، وراجعتها بفتوى شرعية.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فاللفظ المذكور، وإن كان ظاهره تمليك الطلاق للزوجة، ولكن هذا الظاهر لا يحمل الكلام عليه؛ لجهل الناس به، قال الإمام القرافي: “إن مالكا – رحمه الله – بنى ذلك على عادة كانت في زمانه، أوجبت نقل اللفظ عن مسماه اللغوي إلى هذا المفهوم، فصار صريحا فيه، أي في الطلاق، أي: وليس من الكنايات كما قاله الأئمة، قال: وهذا هو الذي يتجه، وهو سر الفرق بين التخيير والتمليك، غير أنه يلزم عليه بطلان هذا الحكم اليوم، ووجوب الرجوع إلى اللغة، ويكون كناية محضة، كما قاله الأئمة الثلاثة؛ لأن العرف قد تغير، حتى لم يصر أحد يستعمل هذا اللفظ، إلا في غاية الندور، والقاعدة؛ أن اللفظ متى كان الحكم فيه مستندا لحكم عادي بطل ذلك الحكم عند بطلان تلك العادة، وتغير إلى حكم آخر” [أنوارالبروق في أنواع الفروق:61/6].
عليه؛ فاللفظ الوارد في السؤال هو من الكنايات الخفية التي ينظر فيها إلى نية الزوج، فإن نوى الطلاق لزمه الطلاق، وإن لم ينوه لم يلزمه شيء، وإن نواه لزمه ما نواه من عدد، فإن نوى طلقة واحدة لزمته واحدة، وإن نوى الثلاث لزمه الثلاث، وإن لم تكن له نية لزمه ثلاث طلقات؛ لأنه الأصل في قطع العصمة، يقول الدردير ـ رحمه الله ـ في حكم الكناية الخفية: “فإن ادعى عدم الطلاق صدق، وإن ادعى عددا واحدة أو أكثر صدق، فإن ادعى أنه نوى الطلاق، ولم ينو عددا، لزمه الثلاث في المدخول بها وغيرها” [الشرح الصغير:765/2]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد محمد الغرياني
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
21/جمادى الآخرة/1435هـ
2014/4/21م