هل يجب على الأبناء سداد دين والدهم المتوفَّى؟
هل يُعذب الميت بدينه في قبره؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (أ4060)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
إذا مات شخص وعليه دين، ولم يترك ما يُسدِّد به دينه، فهل يجب على ورثته سداد الدين؟ وهل يأثمون إذا لم يسددوا، وهم يعلمون أنه يعذب في قبره، كما ورد في الحديث؟ وهل يختلف الحكم إذا كان الميت أبًا له أبناء أو ابًنا وأبوه حي؟ وكيف يحصِّل الدائنون أموالهم في هذه الحالة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلا يجب على ورثة المدين المعدم سداد دينه؛ لأن سداده يجب على بيت المال، قال الدسوقي رحمه الله عند قول خليل رحمه الله في باب خصائص النبي صلى الله عليه وسلم: “[وَقَضَاءُ دَيْنِ الْمُعْسِرِ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ] (قَوْلُهُ: الْمُعْسِرِ الْمُسْلِمِ) وَهَذَا كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ فَتْحِ الْفُتُوحَاتِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِوُجُوبِ قَضَائِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ”[حاشية الدسوقي: 2/212]، والمعدم الذي لم يترك ما يسدد به دينه معناه أنه لم يترك نقدا ولا عقارا ولا بيت سكنى، فإن كان له عقار ولو بيت سكناه فيجب بيعه وتسديد الدين منه، ويستحب لأبنائه وبناته في حالة الإعسار أن يسددوا عن والدهم دينه؛ لأنه من البر به، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لاَ تَزَالُ نَفْسُ ابْنِ آدَمَ مُعَلَّقَةً بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ) [الترمذي:1078]، لكن هذا الوعيد هو في حق من كان له مال، ولم يوفِ منه الدَّين، أو من استدان ولم يكن عازمًا على القضاء، أما من لَا مَالَ لَهُ، وَمَاتَ عَازِمًا عَلَى الْقَضَاءِ، فلا يدخل في هذا الوعيد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللهُ) [البخاري: 2257]، ويمكن تحصيل الدين من أموال الزكاة، قال عليش رحمه الله: “(وَلَوْ مَاتَ) الْمَدِينُ فَيُوَفَّى دَيْنُهُ مِنْهَا، بَلْ قِيلَ: دَيْنُ الْمَيِّتِ أَحَقُّ مِنْ دَيْنِ الْحَيِّ فِي وَفَائِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى قَضَاؤُهُ، وَأَشَارَ بِــ(وَلَوْ) إلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يُقْضَى دَيْنُ الْمَيِّتِ مِنْ الزَّكَاةِ لِوُجُوبِ وَفَائِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ” [منح الجليل: 2/90]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
11// ربيع الآخر// 1441 هجرية
08// 12// 2019م