بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4092)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
جاء في وثيقتين لـ(ح)، في الأولى: (شهد على نفسه في حال صحته وعقله .. أنه في ماله وذمته حق صداق زوجته وهي (خ) باقي عليه حقّا، وهي تخلص فيه من مخلفات تركته وبعد يرجع باقي الإرث إلى زاوية (س) حبسا على الزاوية… ذكر الشاهدين والتاريخ والكاتب…)، وفي الثانية: (شهد على نفسه… أنه في ماله وذمته من أخيه (ص) ثلاثة نعاج وجمل ثني وثلاثة ليرات ذهب وستة محابيب وريال سبلية وبيت ثموني يطلبهم منه من جهة سلف منه إحسانا إلى أخيه المذكور… ذِكرُ الشاهدين والتاريخ والكاتب…)، وحيث إن المرحوم (ح) توفي ولم يكن له ولد، وزوجته (خ) تزوجها أخوه (ص) بعد وفاته، وأنجب منها (ص)، والد الأبناء الموجودين الآن ومنهم أنا، علما أن الجد والأب وكذلك نحن نستغل هذه الأرض استغلال المالك في ملكه، وقد سمعت ممن عاصرهم وأدركته؛ أن وكيل الزاوية عندما أحضر حجة الحبس لجدي (ص) أبلغه جدي بأن له على المتوفى دين لم يقضه إياه، وانتهى الأمر بينهما إلى أن الزاوية لا يبقى لها شيء تستحقه من تركة السيد (ح)؛ لاستغراق الديون جميع التركة، فما حكم الشرعِ في ملكيَّتنا للموروث؛ لأنَّني كلِّفت بقسمة هذه الأرض بيننا؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإن كان الحال كمَا ذكر، فالواجب على ورثة الحاج (ح) الأحياء الآن، وهم أبناء السيد (ص)، أن يتحروا مع أهل الخبرة والدراية في قيمة التركة الموروثة عن السيد (ح)؛ هل تستغرقها الديون المذكورة في ذلك الوقت أم لا؟ فإن تبين أنها تستغرقها فيكون ما ذكرتَه له ما يستند عليه من العادة والعرف، فيعمل به، وإن كانت تركة الحاج حسن لا تستغرق الديون ويفضل شيء بعد ذلك، فتعطى زاوية (س) -إن كانت عامرة- ثلث الباقي بعد الديون من تركة السيد (ح)، ثم ما بقي بعد قضاء الديون وتنفيذ الوصية يكون ميراثًا، يقسم على حسب الفريضة الشرعية؛ لأنه تبين أن ما سمعته ممن سبقك دعوى تخالفها العادة والعرف، والعادة كالشاهد على المشهور، قال المنجور رحمه الله: “قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الْمَقَّرِي: قَاعِدَةٌ: اخْتَلَفُوا فِي الْعَادَةِ هَلْ هِيَ كَالشَّاهِدِ، أَوْ كَالشَّاهِدَيْنِ” [شرح المنهج المنتخب: 1/445]، وكذلك النظر للقيمة التي تقدر بها التركة في ذلك الوقت والاعتبار بها يعد كالشاهد، كما أن الرهن يكون كالشاهد على قدر الدين، قال بهرام رحمه الله: “وَلَيْسَ الدَّيْنُ كَالشَّاهِدِ عَلَى قَدْرِ الرَّهْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ” [الشامل: 1/646]، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25// جمادى الآخرة// 1441هـ
20// 01// 2020م