بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1934)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
هل يجوز الاحتجاج بالوثيقة المرفقة، التي تتضمن شهادة السماع بتحبيس أراضٍ على الذكور دون الإناث، ولم تحمل هذه الوثيقة سبب الإشهاد، ولا صيغة الحبس، ولا ثبوت الحيازة، ولا تاريخ الحيازة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالحبس يثبت بشهادة السماع، فإذا شاع بين الناس بلا حدّ، سماعًا فاشيًا؛ بأن الأرض محبسة عمل بهذه الشهادة، قال الدردير رحمه الله: “فيثبت ببينة السماع؛ فإذا شهدت بينة سماع بأن هذا وقف على فلان الحائز له، أو على فلان – وليست الذات بيد أحد – ثبت بها الوقف” [الشرح الصغير:280/4]، ولا يضرها عدم ذكر صيغة التحبيس.
والحبس على الذكور دون الإناث محل اختلاف بين أهل العلم، والصواب الذي ترجحه الأدلة أنه غير جائز شرعا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم) [البخاري:2587]، وفي المدونة: “أن عائشة رضي الله عنها إذا ذَكرت صدقات الناس اليوم، وإخراج الرجال بناتهم منها، تقول: “ما وجدت للناس مثلا اليوم في صدقاتهم؛ إلا كما قال الله تعالى: )وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَّكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ( [الأنعام:139]“ [المدونة:423/4]، وقال الإمام مالك رحمه الله في رواية عنه: “إنه من عمل الجاهلية” [شرح الخرشي:77/5]، وهو اختيار الشيخ خليل في المختصر، قال: “وبطل -أي الوقف- على معصية وحربي وكافر لـ(كمسجد)، أو على بنيه دون بناته” [مختصرخليل:212]، وهو المعتمد في أكثر المذاهب، وهذا الحبس تم إلغاؤه بفتوى من مفتي الديار الليبية السابق، الشيخ الطاهر الزاوي رحمه الله سنة 1973م، وبعد هذه الفتوى صدر القانون رقم: 16 لسنة 1973م بإلغائه.
عليه؛ فإن الحبس المذكور لا يعمل به، ولا يصحّ لاشرعًا ولا قانونًا، ويقسم حسب الفريضة الشرعية على جميع الورثة الموجودين وقت صدور الحكم والفتوى بإلغائه عام 1973م من القرن الماضي.
والتأكد من صحة الوثيقة ومصداقيتها أمر موكول للقضاء، يرجع إليه فيه؛ للتأكد من صحتها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
28/جمادى الآخرة/1435هـ
2014/4/28م