بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4113)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
قسّم جدي أملاكه حال حياته، بين ابنه وبناته المتزوجات وغير المتزوجات، ولكنه بخس حقَّ البناتِ، بإعطائهنَّ أقل القليل بالنسبة للابن، بل زاد في إنقاص حق البنات المتزوجات بالنسبة لغير المتزوجات، فكان نصيبهنّ من الأرض للبنت المتزوجة 1000 متر، ولغير المتزوجات 16 هكتارًا، وللابن 18 هكتارًا، كما أن له أرضًا أخرى قسمها بين الابن والبنات غير المتزوجات، وله منزلٌ جديدٌ ومخزنٌ جعلهما للابن، ومنزلٌ قديمٌ ومخزنٌ جعلهما للبنات غير المتزوجات، وحرم البنات المتزوجات وجدّتي، كما أن له سيارات وجرارات جعل نصفَها للورثة كلّهم، وذكر في ورقة المقاسمة ما نصه: (واستغلال الأرض في الزرع والرعي وأكل الثمار وعدم البيع، أي يمنع فيها البيع على الجميع البنات والابن)، ولم يكن واحد من الورثة يستطيع التصرف في نصيبه، ونسبته إليه، كما أن جدّي لم يخلِ يدَه من الأرض إلى أن توفي، وكانت الغلة كلّها بيده، فما حكم هذه المقاسمة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن تقسيم الرجل أملاكه حال حياته جائزٌ، بشرط أن لا يحرم أحدَ الورثة منها، ويكون فيه مصلحة راجحة، كحاجة الورثة للمال، أو دفع مفسدة متوقعة، كاختصام الورثة في المستقبل، وتعد قسمته لأملاكه من قبيل الهبة، التي شرط تمامها أن يحوزها الموهوب له في حياة الواهب، ويتصرف فيها تصرف المالك في ملكه، قال ابن أبي زيد رحمه الله: “وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهِيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة:117].
وعليه؛ فإذا كان الأمر كما ذكر في السؤال، فإن حرمان بعض الورثة من أملاكه حرام لا يجوز شرعا، وبما أنّ الواهب لم يُخلِ يده من الأرض، ولم يسمح للورثة بالتصرف في نصيبهم، بل واشترط عدم البيع، فإن القسمة التي أجراها بين الورثة غيرُ نافذةٍ شرعًا، وتقسم التركة على جميع الورثة ممن بقي حيًّا بعد وفاة الواهب، حسب الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
15// جمادى الآخرة// 1441هـ
10// 02// 2020م