بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4117)
ورد إلى دار الإفتاءالليبية السؤال التالي:
قسم الحاج (ح) أملاكه قبل موته بين أبنائه وبناته، كما هو مبين في وثيقة القسمة المرفقة، ولكن هناك قطعة أرض لم تكن تحت يده عند إجراء القسمة، بل كانت تحت وزارة المرافق بالمملكة الليبية، موقفًا لسيارات البلدية، فهل تكون القطعة داخلة في القسمة ضمنًا، أم غير داخلة في القسمة أصلًا، فتكون ميراثًا تقسم على حسب الفريضة الشرعية؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن المعتبر في القسمة إنما هو الذي يعلم به القاسمُ، وأما ما لم يعلم به حقيقة أو حكمًا، كأن طرأ على ماله بعد موته بسبب ردِّهِ من يدِ الحاكم، فلا يدخل في جملة القسمة؛ لأنه مما أيسَ منه صاحبه، وانقطع طمعه فيه، ومثل ذلك اختلاف المالكية فيما اشتهر بين الناس هلاكه، وبلغ ذلك الموصي قبل موته، ثم ظهرت سلامته بعد الموت مثل: السفينة يعلن غرقها، والماشية يبلغه موتها، والسلع يخبر باحتراقها ونحو ذلك، فقيل: لا تدخل فيه الوصايا؛ ليأسه منها وانقطاع رجائه فيها، فهي كمال طارئ لم يعلم به، قال محمد بن رشد رحمه الله: “فِي ظَوَاهِرِ أَلْفَاظِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ اضْطِرَابٌ، وَلاَ يَنْبَغِي أَن يُحْمَلَ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى التَّعَارُضِ وَالِاخْتِلَافِ؛ لِأَنَّهَا تَرْجِعُ كُلُّهَا عِندَ التَّحْصِيلِ إِلَى أَنَّ مَا كَانَ أَصْلُهُ قَدْ عَلِمَهُ، فَإِنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِيهِ، وَإِن غَابَ عَنْهُ فَطَالَ زَمَانُهُ وَبَلَغَهُ هَلَاكَهُ حَتَّى كَانَ الْغَالِبَ عَلَيْهِ الْيَأْسُ مِنْهُ، مِنْ أَجْلِ مَا بَقِيَ لَهُ فِيهِ مِنَ الرَّجَاءِ، حَتَّى إِذَا تَحَقَّقَ عِندَهُ هَلَاكَهُ بِالشَّهَادَةِ أَوِ الِاسْتِفَاضَةِ، حَتَّى تَحَقَّقَ ذَلِكَ وَتَيَقَّنَهُ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهِ رَجَاءٌ، فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ الْوَصَايَا إِن جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِن كَانَتِ الْمُدَّةُ لَمْ تَطُلْ. وَلاَ فَرْقَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا كُلِّهِ بَيْنَ الْمَالِ الْغَائِبِ، وَالْعَبْدِ الْآبِقِ، وَالسَّفِينَةِ الْغَائِبَةِ” [البيان والتحصيل: 13/6].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فإن قطعة الأرض المذكورة لا تدخل في القسمة، بل هي ميراث، يقسم حسب الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
عبد الدائم سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
23// جمادى الآخرة// 1441هـ
18// 02// 2020م