بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4196)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا أرملة، ليس لي أولاد، لا ذكور ولا إناث، ولدي أختان (س)، و(ط)، وأبناء أخي المتوفى (ك)، وأريد أن أكتب وصية أجعل أختي (س) مسؤولة عن تنفيذها، تتضمن إعطاء جزء من تركتي لأبناء المرحوم ابن عمي (ح)، وجزء لأبناء المرحوم ابن عمي (د)، وإعطاء جزء لدار الأيتام، وجزء لدار العجزة، وجزء لمرضى الأورام، وجزء يساهم به في إنشاء منارة لتحفيظ القرآن، وإنشاء آبار للسبيل، فما هو القدر الذي يصح أن أوصي به؟ وهل من حقّ الورثة من بعدي إبطال الوصية؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الله تعالى قد جعل للمسلم الحقّ في الوصية بثلث ماله، إذا لم يكن لوارث؛ ففي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ، عِنْدَ وَفَاتِكُمْ، بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ، زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ) [ابن ماجه: 2709]، ولا يجوز له الوصية بأكثر من الثّلث؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وقد أراد أن يوصي بماله كله: (الثُّلُثُ، وَالثّلُثُ كَثِيرٌ) [البخاري: 2742، مسلم: 1628]، فإن وقعت الوصية بأكثر من الثلث يوقف الزائد منها على إذن الورثة، ويعدّ إذنهم بذلك ابتداء عطية منهم.
والواجب على ورثة الموصية -حيث أوصت بالثلث فأقل- تنفيذ الوصية، وإخراجها من كامل أملاكها، قبل اقتسام التركة، كما قال الله في قسمة الميراث: (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ) [النساء: 12]، ولا يجوز تأخير الوصية أو تبديلها، وفاعل ذلك آثم مستحق للعقاب، كما قال الله عز وجل: (فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 181]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
16//ذو القعدة//1441هـ
06//07//2020م