بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4219)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
حلفتُ بيمين الطلاق في حالة سكر وغضب، فما الحكم؟ علما بأني لم أعلم بأني طلقت حتى أخبروني بذلك ولم أكن بوعيي حين طلقت.
الجواب:
الحمدُ لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فطلاقُ السكرانِ الذي لا تمييز عنده على الإطلاق، بحيث لا يميز الأرض من السماء، ولا الرجل من المرأة، ولا يدري ما يقول، ويسمى بـ(السكران الطافح)، فهذا كالمجنون، لا يلزمه الطلاق، وطلاقه غير واقع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ؛ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ) [أبوداود: 4405]، قال الدردير رحمه الله: “إِلاَّ أَن لاَّ يُمَيِّزَ، فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَجْنُونِ” [الشرح الكبير: 2/365]، وهو قول عثمان بن عفان، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم، ورواية محمد بن عبد الحكم في المذهب، واختيار ابن رشد والباجي رحمهم الله، قال ابن رشد رحمه الله: “فَأَمَّا السَّكْرَانُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ، وَأَقْوَالِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ” [البيان والتحصيل: 4/258].
عليه؛ فلا تحسب الطلقة التي وقعت منك في حالة السكر، إن كنتَ طلّقت وأنت غير واعٍ، ولم تعلم بما وقع منك حتى أخبروك به، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
حسن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
27//ذو القعدة//1441 هجرية
17//08//2020م