بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2031)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
طلب مني أخي أن أشتري منه قطعة أرض مساحتها (500) متر مربع, فقلت: سأشتري بعضها، وهو (300) متر مربع، فوافق، واتفقنا على السعر النهائي (45000) دينار، وأن أدفع له مقدما (10000) دينار، والباقي خيَّرته فيه بين أمرين؛ إما (500) دينار كلّ شهر، أو ما يتوفر معي من مال – قلَّ أو كثر – كل فترة، قد تكون ستة أشهر، وقد تكون سنة، فوافق على الخيار الثاني، فبعت قطعة أرض أملكها، وأعطيته (10000) دينار بحضور عائلته، ثم أعطيته بعد فترة ألفي دينار لحاجته للعلاج، وسلمتها لابنه، ثم قمت بتحرير ورقة تتضمن ما اتفقنا عليه من بيع، وسلمتها له للتوقيع عليها، فأخذها ولم يراجعني بعدها، ولم يطلب مني أي مبلغ، فتوجست خيفة، خاصةً والمدة قد طالت والأسعار ارتفعت، ثم لما كلمه بعض الوسطاء أنكر البيعَ واستلام أي مبلغ، وفي مرات أخرى زعم أنّي تراجعت، وأخرى أنّي دفعت عربونا وفاتَ عليّ، فكتبت مذكرة وقعَ عليها عددٌ من أقاربنا، خيرته فيها بين عدة حلول، ولكنه أعرضَ عن الموضوع تماما، فما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإذا كان الواقع ما ذُكر في السؤال، فإنه لا يجوز للبائع الرجوع في البيع إلا إذا رضي المشتري؛ لأنه بيع صحيحٌ لازمٌ، بثمنه الذي تمَّ الاتفاق عليه، ولا تجوز المطالبةُ بأزيَدَ من الثمن الأول؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا – أو قال – حتى يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذَبا محقت بركة بيعهما) [البخاري:1973، مسلم:1532]، فبعقد البيع تنتقل ملكية الأرض للمشتري، وله الحق في التصرف فيها كيفما شاء، ويجوز للمشتري التنازل وإقالة البائع بترك السلعة، واسترداد ما دفعه، أو التنازل عن بعض حقه، وذلك برغبته ورضاه دون ضغط ولا إكراه، ويحرم عليه المماطلة في دفع الثمن مع قدرته عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَطْل الغني ظلم) [البخاري:2166، مسلم:1564]، وإن أنكر البائع البيع فعلى مدعي البيع البينة لدى المحاكم المختصة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
6/ذو القعدة/1435هـ
2014/9/1م