بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4223)
السيد المحترم/ ع . ش – رئيس المجلس المحلي غ.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن كيفية العدة الشرعية لزوجات المفقودين منذ سنة 2011م، وذلك بعد استلامكم خطاب رئيس الأركان العامة بالقرار بثبوت موت العسكريين المفقودين المذكورين؛ لمضي أربع سنوات على تاريخ فقدهم.
فالجواب كالتالي:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فالمفقود في بلاد المسلمين لا يخلو من حالين: أن يكون فقده في المعركة أو غيرها، فالذي حضر المعركة، وفقد من حينها، فعدة المرأة تبتدأ من يوم أن شهدت البينة بانفصال الصفين، قال خليل رحمه الله: “وَاعْتَدَّتْ فِي مَفْقُودٍ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ انفِصَالِ الصَّفَّيْنِ” [المختصر: 1/158]، أما إذا لم يشارك في القتال أو فقد في بلاد المسلمين من غير حرب، فاختلف فيه الأئمة الفقهاء، في ضرب أجل الأربع سنين هل يشترط له ضرب القاضي ونحوه، أم يبدأ من يوم انقطاع خبر المفقود، والمعتبر في ضرب الأجل عند المالكية من يوم رفع أمرها للحاكم، ولو مرت سنين على اختفائه؛ لأن القضاء بموته قضاء حكمي؛ لخفاء حاله واحتمال حياته، فاحتيج للحاكم لفسخ عقده وإثبات موته، ففي المدونة الكبرى: سئل مالك عن زوجة المفقود تعتد بغير حكم، فأجاب: “وإن أقامت عشرين سنة، ثم رفعت أمرها إلى السلطان نظر فيها وكتب إلى موضعه الذي خرج إليه، فإن يئس منه، ضرب لها من تلك الساعة أربع سنين” [المدونة الكبرى: 5/450]، وعدة وفاة زوجة المفقود في هذه الحالة تُبتدأ بعد انقضاء الأربع سنين مباشرة، ولا تحتاج إلى إذن حاكم، ولا إلى نية، قال الدردير رحمه الله: “فَإِذَا تَمَّ الْأَجَلُ دَخَلَت فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَلاَ تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةِ دُخُولٍ فِيهَا” [الشرح الصغير: 2/695]، وللشافعية قول بعدم اشتراط ضرب الحاكم ونحوه للأجل، بل من يوم انقطاع خبره تتربص أربع سنين، ثم يحكم الحكام بموته، قال النووي رحمه الله: “إِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، تَرَبَّصَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِالْوَفَاةِ وَحُصُولِ الْفُرْقَةِ، فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، ثُمَّ تَنْكِحُ، وَهَلْ تَفْتَقِرُ مُدَّةُ التَّرَبُّصِ إِلَى ضَرْبِ الْقَاضِي، أَمْ لَا وَيُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ انْقِطَاعِ الْخَبَرِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَيُقَالُ: قَوْلَانِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ: يُفْتَقَرُ، وَلَا تَحْسِبُ مَا مَضَى قَبْلَهُ” [روضة الطالبين: 8/401].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فالقرار الصادر من رئيس الأركان المستند إلى القانون العسكري المنظم لهذا الشأن صحيح، يرفع الخلاف في هذه النازلة، وتُبتدأ عدة زوجات المفقودين المذكورين من يوم صدور القرار، وبذلك يكن قد خرجن من عدتهن؛ لمضي أكثر من زمن العدة منذ صدور القرار، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
حسن سالم الشريف
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
07//محرم//1442هـ
26//08//2020م