طلب فتوى
الفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالهبة

التنازل عن نصيب في التركة من قبيل الهبة

هبة باطلة غير نافذة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4247)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

تنازل لي أخي بعد وفاة والدي عن نصيبه من إرثه في تركة الوالد، ونص العقد على أنه تنازلٌ نهائيٌّ، خالٍ من أيّ قيد أو شرط، ودون الرجوع فيه، ونصيبه عبارة عن شقة، كان يؤجرها وينتفع بإيجارها طيلة حياته، فما حكم ذلك؟

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنَّ تنازلَ المذكور يعدّ من قبيل الهبة، والهبة شرطها حصول الحيازة في حياة الواهب، واختصاص الموهوب له بالتصرف فيها تصرف الملاك في حياة الواهب، برفعِ يدهِ عنها بالكلية، قال ابن أبي زيد القيرواني: “ولا تتم هبة، ولا صدقة، ولا حبس، إلا بالحيازة، فإن مات قبل أن تحاز عنه فهي ميراث”[الرسالة: 117]، وفي الموطأ: (أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان نَحَلَ عائشة رضي الله عنها جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ، وَلَا أَعَزُّ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي مِنْكِ، وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا، فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ، وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ، فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ؛ وَاللَّهِ لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْتُهُ، إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ، فَمَنْ الْأُخْرَى؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ذُو بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ، أُرَاهَا جَارِيَةً) [الموطأ:1474].

عليه؛ فإن كان الحال ما ذكر، فإن هذه الهبة غير نافذة شرعًا، لعدم حيازتها في حياة الواهب، وعدم رفع الواهب يده عنها باستمرار تصرفه فيها طيلة حياته، ويرجع المتنازَل عنه ميراثًا، يقسم على ورثته حسب الفريضة الشرعية، والله أعلم.

وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

17//صفر//1442هـ

05//10//2020م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق