استغلال بعض الورثة لإيجار بيت موروث دون الآخرين
مطالبة ورثة بقيمة استغلالهم لعقار موروث
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4293)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحن ورثة م ك، ورثنا عنها أربع شقق بتاريخ 17/5/2002، وقد بقيت هذه الشقق مستغلة من قبل ابنين وبنت دون باقي الورثة، علما أننا قد طالبناهم عدة مرات بدفع إيجار، أو الإخلاء لبيعها أو تأجيرها؛ لينتفع بها جميع الورثة، فأبَوا، حتى امتثلوا شهر مايو الماضي، وقمنا بتأجيرها بعد صيانتها دون مشاركة منهم، فما حكم مطالبتهم بقيمة إيجار ما استغلوه طيلة السنوات الماضية؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن استغلال بعض الورثة للتركة بالسكنى ونحوها، ومنع الآخرين من قسمتها والانتفاع بها تعدٍّ وظلم، وأكل لأموالِ الناسِ بغير حقّ، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ) [النساء: 29]، ويترتب على هذا أنه يجب على المتعدّي دفع إيجار ما استغله لباقي الورثة، بما ينوبهم بسعر السوق في كل وقت بحسبه، بشرط أن تكون العقارات مستغلة من قبل المتعدّي في تلك المدة، وليست معطلة، ويعامل الورثة هنا معاملة الشّريك، الذي لا يجوز له أن ينتفع من المال المشترك إلا بقدر حظّه، فإن انتفع بأكثر من حظّه فيلزمه الأجرة فيما زاد لبقيّة الشّركاء، قال الدّسوقي رحمه الله: “إِذَا كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ شَخْصَيْنِ مَثَلاً، وَأَشْغَلَهَا أَحَدُهُمَا بِالسُّكْنَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ إنْ سَكَنَ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ، فَإِنْ سَكَنَ أَكْثَرَ مِنْهَا رَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ اتِّبَاعِ شَرِيكِهِ لَهُ إلاَّ هَذَا الشَّرْطُ، وَهُوَ سُكْنَاهُ قَدْرَ حِصَّتِهِ” [حاشية الدسوقي: 3/466].
عليه؛ فإن كان الحال ما ذكر، وكان ما استغله بعض الورثة زائدًا عن قدر حصتهم من التركة، فيلزمهم دفع قيمة إيجار ما زاد عن حظهم، حسب سعر السوق في كل وقت بحسبه، ما دام المتضررُ من الورثة لم يسكتْ وطالبَ بنصيبه، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
عبد العالي امحمد الجمل
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
07//ربيع الآخر//1442هـ
22//11//2020م