حكم أخذ المرتب مع عدم الالتزام بوقت العمل
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2111)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
لاحظت هيئة الرقابة الإدارية من خلال متابعتها لجهات العمل عدم التزام أغلب العاملين بالجهاز الإداري للدولة بالحضور والانصراف من مقارّ أعمالهم في المواعيد المقررة قانونًا، إضافة إلى عدم الالتزام بتخصيص وقت العمل لأداء الأعمال الموكلة إليهم، الأمر الذي أثّر سلبًا على سير العمل بكافة الدوائر الحكومية، والجهات التابعة لها، وتعطيل مصالح المواطنين، وأغلب المؤسسات الآن تتراخى في اتخاذ الإجراءات القانونية حيال غياب وانقطاع الموظفين عن العمل، حتى أصبح الغياب ظاهرة بكافة الجهات.
عليه؛ نأمل منكم إصدار فتوى شرعية توضح لكافة العاملين بالدولة الحكم الشرعي في مسألة التغيب عن العمل، والإهمال في أداء الأعمال والمهام، ومدى أحقية الموظف المتغيب أو المنقطع عن العمل في المرتب الشهري.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل أن المرتبات المدفوعة من قبل الدولة هي نظير عمل، ولا يحقُّ لمن لا يعمل أن يأخذ هذه المرتبات، فالواجب على جميع موظفي الدولة الالتزام بما اتفقوا عليه مع الجهات التي يتبعونها، والتقيد بالنظم واللوائح المعمول بها داخل المؤسسات التي ينتسبون إليها؛ لقول الله تبارك وتعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ( [المائدة:1]، ولقوله تعالى: )وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً( [الإسراء:34]، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم) [الترمذي:1403] .
والمرتَّب يعطى نظير العمل، فلا يستحقه إلا من أدّى العمل، ومن أخذ شيئا من المرتبات بغير عمل فإنه يجب عليه رده إلى خزانة الدولة؛ لأنه أخذه بغير حق، ولا يجوز للعاملين كذلك الخروج قبل الوقت المحدد للعمل لغير عذر، ولو لم يكن ثمة عمل؛ لأن الوظيفة مرتبطة بالوقت، لا بإنجاز العمل، والموظف يستحق المرتب كاملا على وجوده في مكان العمل، كل الوقت المحدد، مع القيام بما أسند إليه من عمل، دون تباطؤ ولا تنصل، وإلا فلا يستحق منه إلا بقدر ما أدى من وقت ومن عمل.
وقد كثرت الشكوى من المسؤولين في الإدارات، وخصوصًا إدارات الأمن والشرطة في مدن متعددة، بأن نسبة كبيرة من ضباط ورجال الشرطة لا يزالون إلى حد الآن ماكثين في بيوتهم، لا يلتحقون بأعمالهم، ويأخذون مرتباتهم طول هذه المدة، وهذا بلا شك يعد من أكل المال بالباطل، والتعدي على مال الأمة، الذي لا يبارك الله لآخذه فيه، وصاحبه متعد ظالم، ومعرض نفسه لما توعد الله تعالى به الظالمين، قال تعالى: (وَمَنْ يَّظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا) [الفرقان:19].
والواجب على هيئة الرقابة الإدارية تنبيه مؤسسات الدولة، لاتخاذ الإجراءات الرادعة، وتطبيق لوائح الدولة، في مثل هذا الغياب والانقطاع غير المبرر عن العمل، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
4/صفر/1436هـ
2014/11/27م