مطالبة ورثة بحقهم في إيجار بعد سكوتهم سنين
بناء في ملك الورثة بإذنهم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4427)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي رجل عن زوجة وثلاثة أبناء وبنتين، وترك شقة بالدور الثاني، وغرفًا ملحقة بالسطح، فقام الابن الأصغر بزيادة غرفة بالسطح، وصيانة للملحق، فأصبح شقة، وقام بتأثيثها، وذلك بعد إذنِ الورثة ومعونة بعضهم؛ لرعايته لأمه، وقيامه بشؤونها؛ كون إخوته مقيمين خارج البلاد في تلك الفترة، وبعد عامين توفي الأخ الأصغر عن زوجة وابن وأم، وتم تأجير الشقة التي كان يسكنها المتوفى، وتنازل إخوته عن نصيبهم من الإيجار، باستثناء أختٍ واحدة، وتنازل أحدهم لابن المتوفى عن نصيبه في الشقة، وبعد مضي أكثر من عشر سنوات احتاج أحد الأبناء، فطالب بحصته من الإيجار، فهل ما قام به الابن الأصغر من بناء وصيانة يُعطى لورثته، أو يكون في مقابل إقامته مدة عامين دون إيجار، فتقسم الشقة بين الجميع على قدر حصصهم؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فما قام به الابن الأصغر من زيادة في البناء وصيانة بإذن الورثة وعلمهم، يستحق قيمته قائمًا، قال القرافي رحمه الله: “قَالَ مَالِكٌ رحمه الله: كُلُّ مَنْ بَنَى بِإِذْنِكَ أَوْ عِلْمِكَ فَلَمْ تَمْنَعْهُ وَلَا أَنْكَرَتَ عَلَيْهِ فَلهُ قِيمَتُهُ قَائِماً كَالْبَانِي بِشُبْهَةٍ” [الذخيرة: 6/213]، وتقدر القيمة وقت الحكم، ومثله وقت المطالبة والقسم، قال الدّردير رحمه الله: “(وَإِن بَنَى) ذُو الشُّبْهَةِ (أَوْ غَرَسَ قِيلَ لِلْمَالِكِ ادْفَعْ قِيمَتَهُ قَائِماً فَإِن أَبَى قِيلَ لِلْبَانِي: ادْفَعْ قِيمَةَ الْأَرْضِ فَإِن أَبَى فَشَرِيكَانِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ) لاَ يَوْمَ الْغَرْسِ أَوِ الْبِنَاءِ” [الشرح الصغير: 3/622]، وأمّا إقامة الابن الأصغر مدة عامين بإذن الورثة وسكوتهم؛ فيعد تبرعًا منهم؛ خصوصًا وأن المطالبة بالعوض عنها حصلت بعد وفاته، ومرور أكثر من عشر سنوات على ذلك، والقاعدة أن كل ما يطلب عند الخصام يدلّ على أنّ الفعل قبل ذلك كان على وجه المكارمة، قال التسولي رحمه الله: “قَالَ: وَقَدْ نَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُطْلَبُ إِلاَّ عِنْدَ الْمُشَاجَرَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ لاَ يُحْكَمُ بِهِ لِطَالِبِهِ” [البهجة: 2/457]، وكذلك ما قام به الورثة من مساعدة لأخيهم الأصغر، لا وجه للمطالبة به الآن.
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فيستحق ورثة الابن الأصغر قيمة ما زاده مورثهم في الشقة المذكورة قائمًا، فينظر لقيمة البناء دون إضافة الابن الأصغر، ولقيمته بالإضافة، فما زاده البناء المضاف على قيمة البناء قبل الإضافة يكون ملكًا لورثة الابن الأصغر، يضاف إلى نصيبهم في حال التأجير أو البيع، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
08//شعبان//1442هـ
22//03//2021م