إسقاط الحضانة عن الزوجة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2176)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أعمل محاميا في سلك القضاء، وعَرض عليَّ أحد الموكلين قضية مفادها؛ أنه طلق زوجته، بعد أن ضبطت متلبسة بالسرقة في إحدى المحلات، وقد سَجَّلت كمرات المراقبة هذه الحادثة، مما عاد على الموكل بالضرر، فقد شوَّهت سمعته بين الناس، فهل يحق للزوج أن يطالب بالتعويض من طليقته، على الضرر الذي لحق به جراء فعلتها؟
كما أن للزوج منها ابنٌ، فهل يجوز له أن يسقط الحضانة عنها؛ خوفًا على ابنه مِن أن يتأثر بأخلاق أمه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الضرر المعنوي الحاصل لا يمكن تقديره، فهو شيء غير محسوس، والنصوص التي جاءت في الشرع، إنما جاءت بأخذ العوض عن الأضرار المادية، وقد منع علماؤنا دفع التعويض نظير ضرر معنوي محقق، قال الحطاب رحمه الله: “قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ صَالَحَ مَنْ قَذَفَ عَلَى شِقْصٍ أَوْ مَالٍ لَمْ يَجُزْ وَرُدَّ وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ بَلَغَ الْإِمَامَ أَمْ لَا، انْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ وَجَعَلَهُ مِنْ بَابِ الْأَخْذِ عَلَى الْعَرْضِ مَالًا” [مواهب الجليل:305/6]، ولذا لا يجوز له المطالبة بالتعويض.
أما الحضانة، فالأصل أن الأم أولى بحضانة ولدها الصغير من الأب بالإجماع؛ لما رواه أبوداود أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي) [2276]، قال ابن المنذر رحمه الله: “أجمعوا أن الزوجين إذا افترقا، ولهما ولد طفل، أن الأم أحق به ما لم تنكح” [الإجماع:24]، وما جعلت الحضانة إلا لحفظ الولد، وتربيته، والقيام على مصالحه، وحمايته مما يضره أو يؤذيه.
فإن كان الأمر كما ذُكر في السؤال، فالذي ننصحه به هو أن يرفع أمره للقضاء، فإن ثبت ما نسبه لطليقته، بعد التحري عليها، انتقلت الحضانة منها لأمها، قال الشيخ الدردير رحمه الله في كلامه على شروط الحاضن – مختلطا كلامه بكلام خليل: “(وَالْأَمَانَةُ) أَيْ: أَمَانَةُ الْحَاضِنِ؛ وَلَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا فِي الدِّينِ، فَلَا حَضَانَةَ لِفَاسِقٍ؛ كَشِرِّيبٍ وَمُشْتَهِرٍ بِزِنًا، وَلَهْوٍ مُحَرَّمٍ” [الشرح الكبير:528/2]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
محمد الهادي كريدان
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
01/ربيع الآخر/1436هـ
2015/01/22م