بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4461)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
قُتِل أخي عمدًا، وله ثلاثة أبناءٍ وزوجةٌ، فما مقدارُ الدية شرعًا لزوجته وأبنائه؟ علمًا أنّ القاضِي نصَّب أمَّ الأبناءِ وصيةً عليهم.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن جنايةَ العمدِ على النفسِ ليس فيها ديةٌ مقدرةٌ، وإنما يخير المستَحقُّ لها بين القصاصِ أو العفوِ مجانًا أو العفوِ مقابلَ الدية، ويدلُّ لذلك ما جاءَ في الصحيح، عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال في فتحِ مكةَ: (… وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يُفْدَى، وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ) [البخاري:2703]، وقال الدردير رحمه الله: “وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَعْفُوَ مَجَّانًا، أَوْ يَقْتَصَّ وَجَازَ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا بِرِضَا الْجَانِي” [الشرح الكبير: 4/239]، لكن ليس للوليّ على القصَّرِ العفوُ مجانًا أو بأقلّ مِن الديةِ، إلّا لمصلحةٍ لهم؛ كعسرِهم أو عسرِ الجاني، قال الزرقاني رحمه الله: “(وَلاَ يَعْفُو) الْوَلِيُّ مَجّانًا أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنَ الدِّيَةِ إِلاَّ لِعُسْرِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ أَيْ عُسْرِ الْجَانِي وَيحْتَمِلُ عُسْرَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ” [شرح الزرقاني على المختصر: 5/538]، والديةُ الكاملةُ قدرُها: (4250) جرامًا مِن الذهبِ الخالصِ، أو ما يعادلُها مِن المال، ففي الأثرِ: “فَرَضَهَا عُمَر رضي الله عنه عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ” [أبوداود:4542]، ولا تجبُ الديةُ في قتلِ العمد على العاقلة؛ لأن العاقلةَ لا تعقلُ العمدَ.
وعليه؛ فيجوزُ للأم المطالبةِ بالديةِ أو أكثرَ منها؛ لأنها الوصيةُ عليهم، ولا يجوزُ لها العفو عن القاتلِ مجانًا أو بأقلّ مِن الدية؛ إلا لمصلحةٍ للأبناءِ، كأنْ يكونَ القاتلُ معسرًا، أو يكون الأبناءُ في حاجةٍ؛ لأنه مِن التبرعِ في مالِ المحجورِ، وفيه تضييعٌ لحقوقهِ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
29//شعبان//1442هـ
12//04//2021م