بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4478)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
اتفق الأخوان هـ و خ على حصول شركة بينهما سنة (2008م)، واختلفا على وجهِ الشركة كيف كانت والمبلغ المدفوع من قِبل خ، حيث يقر الأخ هـ بأن المبلغ المدفوع (1700 د.ل)، كان على جهة الشراكة في تشغيل خلاط علفة، أي المواد وما يلزم التشغيل فقط، وأنه دفع مثل أخيه؛ فالربح مناصفة بينهما، وأنه اشترى الخلاط (الآلة) وحده وبماله، قَبل الشراكة، وخالفه خ، وادعى أنه دفع (2400 د.ل)، نصف قيمة الخلاط (4800 د.ل)، وأن الشراكة التي عرضها عليه أخوه كانت على شراء خلاط، وأن التشغيل يتولاه هـ، وأنَّ الخلَّاط اشتُرِيَ بِمالِهما مُناصَفَةً، وقد فَوَّض خ أخاه هـ في تشغيل الخلاط، والقيام بما يتطلبه عمل الخلاط، وفعلًا بدأ إنتاج الخلاط، وبعد فترة من الزمن جاء هـ لأخيه خ بمبلغ، هو قدر ما دَفَعَه خ أَوَّلًا وَزِيَادة (700 د.ل)، وأخبر أخاه بأن الخلاط عمله ضعيف، ومردوده قليلٌ، وقال له: هذا المبلغ رأس مالك وربح المدة الماضية، خذه، وفي حال تحسن عمل الخلاط أنا أرجع لك، واستمر حال الخلاط على نفس الوتيرة، فلم يرجع هـ لأخيه بعد ذلك، وقال خ: بل استلمت المبلغ منه؛ لأنه قال لي: إن الخلاط متوقف عن العمل، ودع عندك هذا المبلغ حتى يعود الخلاط للعمل آتيك أطلبه منك، ولم يبلغني صراحة بفض الشركة أو إنهائها، والذي حصل أن الخلاط استمر في العمل، ولم يُبَلَّغ خ بذلك، والآن يطالب خ أخاه هـ بأرباح السنين الماضية بمقتضى الشركة بينهما، فما الحكم؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
ففيما يتعلق بصحة الشركة من عدمها، فيعمل بما ذهب إليه جمهور أهل العلم من صحة اجتماع الشركة مع القراض، فيجوز أن يكون العمل من أحد الطرفين والمال منهما، وكذلك يجوز التفاوت بين الربح والإسهام في المشاركة عند جمهور أهل العلم، فالشركة بناء على ذلك صحيحة، والربح يكون بينهما مناصفة حسب ما اتفقا عليه.
واختلافهما في قدر المدفوع لا يترتب عليه أثر، وعند فض الشركة تُقَوَّمُ الأصول بسعر الوقت وتقسم بينهما بالمناصفة.
وكون الخلاط داخلا في عقد الشركة أو غير داخل فالقول قول خ المدعي الاشتراك في الخلاط إن أشبه سعر الخلاط في ذلك الوقت ما ادعاه، بحيث يكون المبلغ الذي دفعه خ صالحا للمشاركة في قيمة خلاط عادة، لا أن يكون قليلا لا يتناسب مع الاشتراك في خلاط عادة، وذلك بشهادة أهل المعرفة والسوق، وقول هـ لأخيه عندما أتى له برأس المال وربح فوقه، إن عمل الخلاط ضعيف ومردوده قليل – قرينة على أن خ له حق في الخلاط وأنه داخل في الشركة بينهما، ويحلف المختار على أن مشاركته كانت في الخلاط.
ودعوى هـ أن الاشتراك في المواد لا تشبه بالعادة ولا يشهد لها العرف، فلا تسمع؛ لأن الاشتراك في المواد يحصل بما اتفق بالقليل والكثير، فبإمكانهما الاشتراك في المواد ولو بمائة دينار من كلّ منهما.
فإن شهد أهل السوق والخبرة بأن ما دفعه خ لا يشبه أن يكون اشتراكا في خلاط فيحلف هـ على دعواه بأن الشركة لم تكن في الخلاط وإنما في المواد، ويلزم ذلك خ.
وأما دعوى أحد الشركاء وهو هـ فض الشركة والمقاسمة مع شريكه دون أن يقر بذلك الشريك الآخر، فالقول لمن ادعى بقاء الشراكة بعد ثبوتها؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت خلافه، وله أن يطالب بالربح على المدة التي يدعي فيها شريكه إنهاء الشركة.
أما في قدر الربح المتعلق بهذه المدة فالقول لـ(هـ) بيمينه؛ لأنه مؤتمن إلا إذا ثبت تعديه، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
حسن سالم الشريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
08//رمضان//1442هـ
20//04//2021م