بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4479)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
هل يجوز للأب أن يهبَ لأبنائه دون بناته؛ لغرض بناء أو شراء منازل للزواج، إذ بات من الصعب للابن أن يتكفل بتوفير منزل دون مساعدة أبيه، أم لابدّ له أن يعطي البنات كما يعطي الأبناء؟ وهل هناك مقدار محدد يعطيه لهن؟ علما أن الوالد صحته جيدة، والحمد لله رزقه كثير، وما يريد هبته هو جزء منه فقط.
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإذا لم يكن الغرضُ من الهبة هو الإضرار، وإنما مراعاة لحالة الموهوب له، من فقر أو حاجة، أو كان معه مزيد بر وإحسان؛ وَمَيَّزَهُ بِشَيءٍ فَلا حَرجَ إذا كان الموهوبُ شَيئاً قَلِيلاً، قال النفراوي رحمه الله: “(وَأَمَّا) هِبَةُ (الشَّيْءِ) الْقَلِيلِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَالِهِ لِبَعْضِ وَلَدِهِ (فَذَلِكَ سَائِغٌ) أَيْ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَتَتِمُّ بِالْحِيَازَةِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ لِلْأَبِ كَسَائِرِ الْعَطَايَا” [الفواكه الدواني: 2/159].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فيجوز للأب أن يخص المحتاج مِن أبنائه؛ للزواج بهبة وإعانة، سواء كانت أرضًا أو مالًا للبناء؛ لأنه من المعلوم أن الزوج هو من يتكفل بالمسكن والنفقة، وأما الإناث فلا يتكفلن بشيء مِن ذلك؛ لأن نفقتهن ومسكنهن على أزواجهن، والمطلوب شرعًا هو العدلُ بينَ الأولاد، ولا يَقتَضِي التَّسويةَ بينهم؛ لأن أغراض وحاجيات كل شخص تختلفُ عن الآخر، لكن لما كانت تكاليف الأراضي والبناء في الوقت الحاضر التي يعطيها الأب لمن يتزوج من أبنائه كثيرة الأثمان فالذي ينبغي عليه أن يجعل مقابل ذلك للبنات شيئا ليطيبوا به خاطرهن؛ لأن تخصيص بعض الأولاد بالمال الكثير حتى ولو كان محتاجا يوغر الصدور، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ) [البخاري: 2587، مسلم: 1623]، ومن أراد العدل في العطية فليتبع قسمة الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين، وأمّا تنفيذ الهبة فيتوقف على حيازة الموهوب له في حياة الواهب؛ لأنّ الهبةَ لا تتم إلا بالحيازةِ، وهي تصرّفُ الموهوب له في الهبة تصرّف المالك في ملكه، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
09//رمضان//1442هـ
21//04//2021م