بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4480)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
جاء في وثيقة ما نصه: (أشهدنا على نفسه المكرم السيد ق وهو في كمال عقله وثبات ذهنه إلا أنه مريض الجسم، بأنه إذا أتاه أجله المحتوم وصار إلى رحمة الحي القيوم فقد أوصى لابن ابنه المسمى س بثلث جميع مخلفاته عموما في عقار حاضرة وبادية وغير ذلك من جليل وحقير وكل ما له بال ويطلق عليه اسم مال وصية صحيحة ماضية شرعية عرف قدرها والتزم حكمها قاصدا بذلك وجه الله العظيم شهد عليه بذلك من سمع منه وعرفه بتاريخ 1342هـ، .. أسماء الشهود ..، وعقب الإيصاء ذكر قبول ح للوصية المرسومة لابنه س قبولا بقوله قبلت حتى يبلغ ابني مبلغ القبول شهد عليه بذلك من سمع منه وعرفه بتاريخ 1345هـ، ثم بذيلها، قد قبل الوصية من جده المرسومة أعلاه يقول قد قبلت ذلك وهو بحالة جائزة بتاريخ 1360هـ..)، فما حكم ما ورد في الوثيقة؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإن ثبت مضمون الوصية، وكان الموصى له غير وارثٍ، وقبل الموصى له الوصية بعد موت الموصي لا قبله، فالوصيةُ صحيحةٌ، نافذةٌ شرعًا، يجب تنفيذها؛ لقولِ الله عز وجل: ﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء:11]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ أَعْطَاكُمْ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ) [السنن الكبرى للبيهقي: 12947]، قال الشيخ ميارة رحمه الله: ” قال ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِوَلَدِ وَلَدِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانُوا غَيْرَ وَرَثَةٍ” [الإتقان والإحكام: 2/220]، وقال الدردير رحمه الله: “(وَقَبُولُ) الْمُوصَى لَهُ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ (الْمُعَيَّنِ) أَيْ الَّذِي عَيَّنَّهُ الْمُوصِي كَفُلَانٍ (شَرْطٌ) فِي وُجُوبِهَا وَتَنْفِيذِهَا (بَعْدَ الْمَوْتِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَبُولٍ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَا يُفِيدُهُ إذْ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي وَصِيَّتِهِ مَا دَامَ حَيًّا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَصِيَّةِ غَيْرُ لَازِمٍ حَتَّى لَوْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَهُ الْقَبُولُ بَعْدَهُ وَتَجِبُ لَهُ وَلَوْ مَاتَ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ قَبُولِهِ فَوَارِثُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا يَقُومُ مَقَامَ غَيْرِ الرَّشِيدِ وَلِيُّهُ” [الشرح الكبير: 4/424]، ويحرمُ تغييرها أو تعطيلها؛ لقول الله عز وجل: ﴿فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 181]، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
(هذه الفتوى لا يحتج بها في النزاعات، ولا أمام القضاء، ولا تفيد صحة الوثيقة، لاحتمال أن لدى من ينازع فيها مقالا والدار لا علم لها به)
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
09//رمضان//1442هـ
21//04//2021م