بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4504)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تشاجرتُ مع زوجتي، وغضبتُ منها غضبًا شديدًا، وكنت في مرحلة متقدمة من مرض كورونا، وقد صدرت مني عدة أفعال بلا وعيٍ أو إدراك، وبعد شفائي ذُكر لي أني طلقت زوجتي بلفظ: (أنت طالق طالق طالق)، وأرسلت ذلك لها في تسجيلٍ صوتي، لا يزال محفوظًا، وأنا لا أذكر من ذلك شيئًا، فلم أكن في وعيي، وقد وقع مني الطلاق قبل ذلك مرتين، في نوبة غضب شديدة، آخذ لها حبوبًا مهدئةً، وقد استفتيت المشايخ لديكم حينها، وقالوا إنه لا يقع، فماذا يلزمني الآن؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن العقل هو مناطُ التكليف والمؤاخذة بالأقوال والأفعال، فإذا كان المطلِّقُ يعي ما يقول، ويقصد ما تكلم به، فالطلاق واقعٌ، وأما إن كان المطلق شديد الغضب وقت الطلاق، إلى درجة لا يعي فيها ما يقول، ولا يشعر بما صدر منه؛ فالطلاق لا يقع؛ لأنه صار في حكم المجنون فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يَفِيقَ) [الترمذي: 142]، وقال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ، خِلَافاً لِبَعْضِهِمْ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لاَ يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [بلغة السالك: 2/351].
وعليه؛ فإن كان الحال ما ذكر، وكنت لا تذكر ما صدر منك، لغياب وعيك وإدراكك بسبب المرض والغضب الشديد، ولم تعِ ما تلفظتَ به، حتى أُخبرتَ به بعد ذلك، فالطلاق غير واقع، ولا يلزمك شيءٌ، وأمّا إن كنتَ وقت الطلاق تعي ما قلت مع غضبك، فالطلاقُ واقعٌ، وتكون زوجتُك قد بانتْ منك بينونة كبرى، فلا تحِلُّ لك إلا بعد زوج، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
عبد العالي امحمد الجمل
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
11//شوال//1442هـ
23//05//2021م