بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2206)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
لوحظ اعتراض بعض المصلين على الوعاظ، الذين يقومون بإلقاء الدروس قبل صلاة الجمعة، بحجة وجود نهي عن التحلق قبل الجمعة، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن إلقاء الدروس من أجل تعليم الناس وإفادتهم في أمر دينهم أمر محمود، وهو من أهم وسائل الدعوة، فإذا كان لهذا الغرض فهو مشروع، قبل خطبة الجمعة وبعدها، وفي كلّ وقت، وقد ثبت التدريس قبل الجمعة عن كثير من الصحابة والتابعين، وأما ما جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تنشد فيه ضالة، وأن ينشد فيه شعر، ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة) [أبوداود:1079، الترمذي:322، ابن ماجه:749]، فهذا الحديث مختلف في صحته، فقد انفرد به محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب، وكلاهما فيه مقال، واختلف كذلك في تفسيره على عدة أقوال، أرجحها أن المراد به النهي عن التحلق للحديث في أمور الدنيا، ويؤيد هذا التأويل رواية ابن خزيمة رحمه الله: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التحلق للحديث يوم الجمعة قبل الصلاة) [صحيح ابن خزيمة:1242]، ورواية ابن أبي شيبة رحمه الله: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحِلَق للحديث يوم الجمعة قبل الصلاة) [المصنف:5408]، ومما يؤيد ذلك أيضا سياق الحديث، حيث قُرن التحلق بالبيع والشراء، وتناشد الأشعار، ونشدان الضالة، وكلها تجتمع في كونها دنيوية، يحدث بتعاطيها اللغط والاضطراب، فظهر أن المقصود صيانة المساجد عمّا لم تُبنَ له، وتنزيهها عمّا لا يليق بها، وعلى إدارة الشؤون الثقافية والدعوية بوزارة الأوقاف، تنظيم الدروس في بعض المساجد دون الأخرى؛ مراعاةً لمن يريدون التبكير لقراءة القرآن والذكر والتنفل، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
غيـــث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
20/ربيع الآخر/1436هـ
10/2015/02م