بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2213)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
تبرع ثوار منطقة الأصابعة بمكافآت الثوار الممنوحة لهم، وتورَّعُوا فيها؛ وذلك لبناء مسجد ومنارة لتحفيظ القرآن بالمنطقة، فما حكم أخذ هذه الأموال والتصرف فيها؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن القرار الصادر من وزير الدفاع بخصوص مكافأة الثوار، يشترط أن لا يكون الثائر ممن يتقاضى مرتبًا من الدولة، وأن يكون من الثوار، سواء كان عمله بالجبهة أو بمكان آخر، فمن تحققت فيهم هذه الشروط جاز لهم أن يهبوا هذه الأموال، وهبتهم صحيحة نافذة، ويشكر لهم تورعهم وتبرعهم، ويثابون عليه ـ إن شاء الله تعالى ـ ولكم أن تبنوا بها المسجد والمنارة؛ لأنها حينئذ من المال الطيب، أمَّا من اختلت فيه شروط الاستحقاق ككونه يتقاضى مرتبا من الدولة، أو لم يكن مقتنعا بالثورة حينها، فلا يحق له أخذ شيء من هذه المكافآت؛ لأنه لا يسمى من الثوار، فلا يتحقق فيه الشرط، ومَن أخذ منها شيئًا فعليه ردُّه، وذلك بإيداعه في حساب الودائع بمصرف ليبيا المركزي، ولا يجوز صرفه في وجوه البر والتصدق به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (على اليدِ ما أخذت حَتى تؤدِّيه) [أحمد:20086]، ولأنها من المال العام، والتعدي على المال العام خيانةٌ وغلول؛ والله تعالى يقول: )وَمَنْ يَّغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ( [آل عمران:161]، ويجب على كل من أخذ مالاً مشبوها منها، أن يرد ما أخذه إلى خزانة الدولة، ويتوب ويرجع إلى الله عز وجل، ولا يجوز التعاون مع المتمادين في الفساد المالي، المقيمين عليه، المستمرين في نهب أموال الدولة بالحيل والقوائم الوهمية؛ لما فيه من إعانتهم على الإثم والعدوان، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
محمد الهادي كريدان
أحمد ميلاد قدور
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
26/ربيع الآخر/1436هـ
16/2015/02م