بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4532)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحن ستة إخوة أولاد، قام الوالد في حياته بقسم ما يملك من أصولٍ علينا، وكانت القسمة على النحو الآتي:
الابن الأول والثاني سجل أرضًا باسمهما مناصفةً، وقد قاما ببيعها في حياته، ولم يعترض على ذلك.
الابن الثالث والرابع سجل لهما بيتًا من طابقين باسمهما، وهما حائزان له.
الابن الخامس والسادس سجل لهما بيتًا من طابقين باسمهما مناصفةً، وهما حائزان له.
وقد توفي الوالد منذ عشرة أشهر تقريبًا، فهل من حقّ بعض الأبناء نقض القسمة، بحجة أنها لم تكن عادلة؛ لكون الأم والبنات لم يتنازل لهنّ عن شيء؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فقسمة الأملاك حال الحياة تعدُّ من قبيل الهبة، ويجوز للوالدِ أن يهبَ في حال حياته بعض ممتلكاته لبعضِ أولادِه، ما لم يكنِ الغرض من ذلك حرمان بعض الورثة والإضرار بهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتّقُوا اللهَ، وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُم) [مسلم:1623]، والهبة إذا حازها الموهوب له حال حياة الواهبِ مَضتْ، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “وَلاَ تَتِمُّ هِبَةٌ وَلاَ صَدَقَةٌ وَلاَ حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ” [الرسالة:117]، والحيازة في العقار تكون برفع الواهب يده عنه بالكلّية، مع تصرّف الموهوب له في العقار تصرّفًا يدل على التملّك حال حياة الواهب.
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر في السؤال، وحاز الأبناء ما وهبه لهم والدهم؛ فالهبة صحيحة، ولا يجبرون على إعادة القسمة، لكن يستحب لهم أن يعطوا الإناث قيمة زائدة من التركة تطييبًا لخاطرهنّ، أو يتركوا لهن البيت الذي كان يسكنه الميّت، إنْ لم يترك شيئًا غيره؛ تحقيقا للعدل الذي أمر به الشرع الحنيف، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عصام بن علي الخمري
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02//ذو القعدة//1442هـ
13//06//2021م