طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالهبةقضايا معاصرة

جواز اعتماد منظمة باسم: (المنظمة الوطنية لدعم التبرع بالأعضاء)

مؤسسات منظمات المجتمع المدني

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4537)

 

السيد المحترم/ رئيس مجلس إدارة مفوضية المجتمع المدني.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن جواز اعتماد منظمة باسم: (المنظمة الوطنية لدعم التبرع بالأعضاء)، وعن صحة عملها من عدمه، علما أنها منظمة أهلية من منظمات المجتمع المدني، مقرها بطرابلس، تعنى بالعمل على توعية الناس بالتبرع بالأعضاء في الحياة وبعد الموت.

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فإن الإسلام رغب في فعل الخير بما فيه حياة الناس، وتوعَّدَ من يعرض حياتهم للخطر، قال تعالى: ﴿مَنْ ‌قَتَلَ ‌نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32]، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ ‌أَنْ ‌يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ) [مسلم: 2199]، فمن استطاع أن يحفظ حياة إنسان بأيّ وسيلة من الوسائل المشروعة الجائزة، فإنه ينال على ذلك الأجر إن شاء الله، ومن ذلك التبرع بالأعضاء، لكنَّ العلماء اشترطوا لجوازه شروطًا، منها: أن يكون المتبرع كامل الأهلية، وأن يكون التبرع لمسلم، فلا يجوز التبرع لكافر، وأن تستمر معه حياة المتبرِّع، ولا تتعطلَ وظيفةٌ أساسيةٌ من وظائف جسمه، بأن لا يكون عضوًا لا تستمر الحياة بدونه كالقلب، أو عضوًا يعطِّلُ زوالُه وظيفةً أساسيةً في حياتهِ، كنقل قرنية العينين كلتيهما، وأن تكون نسبة نجاح الزراعة غالبةً في الظن لا موهومةً، وأن لا يكون بواسطةِ البيع؛ لأن بيعَ الحرِّ محرمٌ، وبيع البعضِ كبيع الكل، قال صلى الله عليه وسلم: (قَالَ اللَّهُ: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ ‌بَاعَ ‌حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ) [البخاري:2227]، فإذا قرر الأطباء أنه لا ضررَ على المتبرِّع ولا على المتبرَّع له، وأن مصلحة التبرع مرجوةٌ، فإن صاحبه يؤجرُ، كما يشترط لجواز التبرع بأعضاء الميت موافقة الميت قبل موتهِ، أو موافقة ورثته بعد وفاتهِ، أو موافقة وليّ أمر المسلمين إن كان المتوفى مجهولَ الهويةِ، أو لا ورثةَ له.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم: 26 (1/4) [1]، بشأن انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حيًّا كان أو ميتًا:

“ثانيًا: يجوز نقل العضو من جسم إنسان إلى جسم إنسان آخر، إن كان هذا العضو يتجدد تلقائيًّا، كالدم والجلد، ويراعى في ذلك اشتراط كون الباذل كامل الأهلية، وتحقق الشروط الشرعية المعتبرة.

ثالثًا: تجوز الاستفادة من جزء من العضو الذي استؤصل من الجسم لعلة مرضيةٍ لشخص آخر، كأخذ قرنية العين لإنسان ما عند استئصال العين لعلةٍ مرضية.

رابعًا: يحرم نقل عضو تتوقف عليه الحياة كالقلب من إنسان حي إلى إنسان آخر.

خامسًا: يحرم نقل عضو من إنسان حي يعطل زواله وظيفة أساسية في حياته، وإن لم تتوقف سلامة أصل الحياة عليها، كنقل قرنية العينين كلتيهما، أما إن كان النقل يعطل جزءًا من وظيفة أساسية، فهو محل بحث ونظر.

سادسًا: يجوز نقل عضو من ميت إلى حي تتوقف حياته على ذلك العضو، أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك، بشرط أن يأذن الميت قبل موته، أو ورثته بعد موته، أو بشرط موافقة وليّ أمر المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له.

سابعًا: وينبغي ملاحظة: أن الاتفاق على جواز نقل العضو في الحالات التي تم بيانها، مشروطٌ بأن لا يتم ذلك بوساطة بيع العضو، إذ لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحالٍ ما، أما بذل المال من المستفيد، ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة أو مكافأةً وتكريمًا، فمحل اجتهاد ونظر”.

وعليه؛ فإن عمل المنظمة جائزٌ، إنْ تقيدتْ بالشروط السابقة، ولا بأس في تسميتها وإشهارها بهذا الاسم، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

حسن سالم الشريف

عصام علي الخمري

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

02//ذو القعدة//1442هـ

13//06//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق