بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2249)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
وهبني والدي قطعة أرض مساحتها هكتار واحد، مِن (11) هكتارا يملكها، ونحن (7) إخوة، مما يتيح له أن يساوي بيننا، ويبقى له أكثر من (4) هكتارات، وبعد سنوات صرح الوالد أنه يريد استرجاع ما وهبه لي، مع العلم بأنني أتصرف في قطعة الأرض في هذه السنوات تصرف المالك الشرعي والقانوني، ولم يخطر ببالي يوما رجوع والدي في هذه الهبة، وقد عملت في هذه الأرض بحفر بئر، وعرضتها للاستثمار، وعقدتُ مع طرف عقد إجارة منتهية بالتمليك، وقد رتب المشتري مشروعه على ما تعاقدنا عليه، فما حكم ما أقدم عليه الوالد من استرجاع للهبة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّه يجوز للوالد خاصة – لا لغيره – الرجوع في الهبة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده) [أبوداود:3539]، ويسمى رجوعه: اعتصارا، قال الدردير رحمه الله: “(وللأب) فقط لا الجد (اعتصارها)، أي الهبة” [الشرح الكبير:110/4]، إلا أن اعتصار الهبة مقيد بقيود، منها عدم فوات الشيء الموهوب، بالتصرف فيه ببيع أو هبة أو زيادة أو نقصان، قال الخرشي رحمه الله: “شرط صحة الاعتصار للهبة أن لا تفوت من عند الموهوب له؛ ببيع أو غصب أو عتق أو تدبير، أو بزيادة أو نقص” [شرح الخرشي على مختصر خليل:113:7].
عليه؛ فلا يجوز لوالدك استرجاع قطعة الأرض المذكورة؛ لفواتها بعملك فيها، وإبرامك لعقد استثمار مع الشركة المذكورة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
محمد الهادي كريدان
أحمد ميلاد قدور
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
12/جمادى الأولى/1436هـ
03/مارس/2015م