هل يُعمل بشهادة السماع في الأحباس ويثبت بها التحبيس؟
حجة تجبيس في أرض موروثة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4616)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تمت مقاسمة بين ورثةٍ عند محرر عقود بالتراضي، وبعدها ظهرت حجة تفيد بشهادة شخصين شهادة سماع فاش من أهل العدل، على أن جد المتوفى حبس أملاكًا على أبنائه الثلاثة، وهم: (م ، د ، ع)، كلهم ذكور، ولم يكن له عقب من الإناث، وعلى أعقابهم الذكور دون الإناث، وأنهما يعرفان أنها تحاز بما تحاز به الأحباس وتحترم باحترامها، ثم ذكر للأملاك وأن الشاهدين يعرفان هذه الأملاك للمحبس، ثم ذكر الشهادة بتزكيتهما والإشهاد والتاريخ، فقام أحد الورثة بطلب نقض المقاسمة، والعمل بما في حجة التحبيس، فهل له ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فالمشهور أن شهادة السماع يعمل بها في الأحباس ويثبت بها التحبيس، قال البرادعي رحمه الله: “وَالشَّهَادَةُ عَلَى السَّمَاعِ فِي اْلأحْبَاسِ جَائِزَةٌ لِطُولِ زَمَانِهَا يَشْهَدُونَ أَنَّا لم نزَلْ نَسْمَعُ أَنَّ هَذهِ الدّارَ حُبُسٌ، تُحَازُ بِحَوزِ الأحْبَاسِ، وَإِن لَمْ يَنقُلُوا عَن بَيِّنَةِ مُعَيّنِينَ إِلا قَوْلَهم سَمِعْنَا وَبَلَغَنَا، وَلَو نَقَلُوا عَن قَوْمٍ عُدُولٍ أَشْهَدُوهُمْ لَمْ يَكُن سَمَاعاً وَكَانَت شَهَادةً، قَالَ مَالِكٌ: وَلَيسَ عِندَنَا أحَدٌ مِمَّن شَهِدَ عَلَى أَحْبَاسِ الصَّحَابَةِ إِلَّا عَلَى السَّمَاعِ” [التهذيب في اختصار المدونة: 3/596]، ويجب اتباع شرط المحبس، بجعله الحبس على ذكور عقب أبنائه دون بناتهم، قال الزرقاني رحمه الله: “(أَوْ [بَطَلَ] عَلَى َبَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ) لِصُلْبِهِ، وَأَمَّا وَقْفُهُ عَلَى بَنِي بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِ بَنِيهِ فَيَصِحُّ” [شرح الزرقاني على خليل: 7/141].
وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فالمقاسمة التي حصلت في هذه الأملاك فاسدة؛ لظهور أنها حبس، فليست ملكًا لأحد حتى يصح قسمتها، والواجب الآن المحافظة على هذه الأملاك، ولا يجوز لأحد تملكها أو قسمتها أو بيعها؛ لتعلق حق مَن لم يأت مِن العقب بالحبس، وإنما لذكور عقب أبناء المحبس قسمة غلتها بينهم، إن كان لها غلة، أو تكرى ويقسم الكراء بينهم، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
22//محرم//1443هـ
30//08//2021م